للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ذلك أيضًا الإمام مالكًا (١). ولكن الحنابلة خالفوا الإمام مالك، في تفسير أصحاب الرقاب.

* قوله: (وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ -عِنْدَهُمُ-: الْمُسَافِرُ فِي طَاعَةٍ).

قفز المؤلف إلى صنف (ابن السبيل) فتكلم عليه قبل الكلام على صنف في (سبيل اللَّه). فمن هو ابن السبيل؟ قال بعضهم: هو المسافر. وقال آخرون: بل هو المجاهد.

وعلى فرض أن المراد بـ (ابن السبيل) هو المسافر: فهل يشترط في هذا المسافر الذي يعطَى من مال الزكاة أن يكون مستمرًا في سفره؟ بحيث لو انتهت نفقته، أو ضاعت عليه، أو سرقت منه، فصار لا يجد ما ينفق على نفسه؛ فهل ابن السبيل هذا الذي هو مستمر في سفره هو الذي يعطَى من مال الزكاة؟ أو الذي يعطى من مال الزكاة هو الذي يستأنف -يعني: يبدأ- سفرًا جديدًا؟ والجواب: هذا أيضًا محل خلاف بين العلماء:

(١) بعضهم يقصره على الذي يكون في سفرٍ، فيلحقه النقص.

(٢) وبعضهم -كالشافعية (٢) - يقول: لا فرق بين أن يبدأ سفره وهو


(١) يُنظر: "القوانين الفقهية"، لابن جزي (ص: ٧٥) حيث قال: "وأما الرقاب فالرقيق يشترى ويعتق ويكون ولاؤهم للمسلمين ويشترط فيهم الإسلام على المشهور".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ١٨١ - ١٨٢) حيث قال: (وابن السبيل)؛ أي: الطريق (منشئ سفر) مباح من محل الزكاة، سواء أكان بلده أو مقيمًا فيه (أو مجتاز) به في سفره واحدًا كان أو أكثر، ذكرًا أو غيره، سمي بذلك لملازمته السبيل وهي الطريق،. . . (وشرطه) في الإعطاء لا في التسمية. (الحاجة) بأن لا يجد ما يكفيه غير الصدقة، وإن كان له مال في مكان آخر أو كان كسوبا أو كان سفره لنزهة. (وعدم المعصية) بسفره، سواء أكان طاعة كسفر حج، وزيارة أو مباحًا كسفر تجارة، أو مكروها كسفر منفرد؛ لعموم الآية بخلاف سفر المعصية، لا يعطى فيه قبل التوبة، وألحق به الإمام السفر لا لقصد صحيح كسفر الهائم، ولو كان له مال غائب ووجد من يقرضه نقل في "المجموع" عن ابن كج: أنه يعطى وأقره وهو المعتمد. وقيل: لم يعط كما نص عليه في البويطي، ورد بأن النص ليس في الزكاة وإنما هو في الفيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>