للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمكاتب (١) -كما نعلم-: هو الذي يأتي إلى سيده، فيطلب منه أن يعتقه على نجوم، بمعنى: أن يوافق على عتقه على أن يدفع له قيمة عتقه، ويُقسِّط ذلك عليه أقساطًا، فهذا ما يُعرَف بالنُّجوم.

فالمكاتب: هو الذي يريد أن يعتقه سيده بمقابل. وقد حضت الشريعة الإسلامية -كما نعلم- على إعتاق الرقاب، ودفعت المسلمين إلى ذلك، حتى إن من أعتق شِقْصًا له في شخص فإن ذلك يَسْري إلى بقيته -إن كان


= "قوله: ومكاتب) هذا هو المعني بقوله تعالى: {وَفِى الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠]. في قول أكثر أهل العلم، وهو المروي عن الحسن البصري أطلقه فعم مكاتب الغني أيضًا، وقيده الحدادي بالكبير، أما الصغير فلا يجوز، وفيه نظر؛ إذ صرحوا بأن المكاتب يملك المدفوع إليه، وهذا بإطلاقه يعم الصغير أيضًا نهر".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٤/ ١٧٨) حيث قال: " (والرقاب) وهم (المكاتبون) كتابة صحيحة فيدفع إليهم لا من زكاة سيدهم، ولو بغير إذنه ما يؤدون من النجوم في الكتابة، بأن عجزوا عن الوفاء ولو لم يحل النجم؛ لأن التعجيل متيسر في الحال، وربما يتعذر عليه الإعطاء عند المحل بخلاف غير العاجزين؛ لعدم حاجتهم، وإنما لم يشترط الحلول كما اشترط في الغارم؛ لأن الحاجة إلى الخلاص من الرق أهم، والغارم ينتظر له اليسار، فإن لم يوسر فلا حبس ولا ملازمة، وإنما لم يشتر بما يخصهم رقاب للعتق كما قيل به؛ لأن قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: ١٧٧]. كقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠]. وهناك يعطى المال للمجاهدين فيعطى للرقاب هنا. أما المكاتب كتابة فاسدة فلا يعطى؛ لأنها غير لازمة من جهة السيد، وكذا لا يعطى من كوتب بعضه".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٧٩) حيث قال: (الرقاب) للنص (وهم المكاتبون المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون، ولو مع القوة والكسب) نص عليه؛ لعموم قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠]. قال في المبدع: لا يختلف المذهب أنهم؛ أي: المكاتبون من الرقاب بدليل قوله: "أعتقت رقابي" فإنه يشمله، وفي قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] الآية. إشعار به؛ ولأنه يملك المال على سيده، ويصرف إليه أرش جنايته، فكان له الأخذ منها إن لم يجد وفاء، كالغريم".
(١) المكاتب: العبد يكاتب على نفسه بثمنه، فإذا سعى وأداه عتق". انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>