للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلوا على ذلك بما يلي:

(١) بقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٤ - ١٦].

حيث وصف اللَّه عزَّ وجلَّ المسكين بأنه وصل إلى حد، كأنه ألصق جلده بالتراب من الحاجة؛ لذا فهو أشد حاجة من الفقير.

وقد اختلف أهل اللغة أيضًا في الفرق بين الفقير والمسكين:

(١) فبعض أهل اللغة يجعل المسكين أشد حاجة.

(٢) وبعضهم يجعل الفقير أشد.

ومهما يكن من أمر، فالفقير والمسكين قد عدَّهما اللَّه عزَّ وجلَّ من الأصناف التي تُدفع إليها الزكاة، فسواء قِيل بأنهما صنف واحد -وهي رواية في مذهب الشافعي (١)، ورواية في مذهب مالك (٢) أيضًا- أو بأنهما مفترقان، لكن النهاية هما لفظان أو مصطلحان إذا اجتمعا افترقا. وإذا افترقا اجتمعا، كالحال بالنسبة للإسلام، والإيمان.

ففي حديث جبريل عليه السلام عندما جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عمر ابن الخطاب -رضي اللَّه عنه- حيث قال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى


= وأثر الخلاف يظهر فيما إذا أوصى بثلث ماله لزيد والفقراء والمساكين، أو وقف كذلك كان لزيد الثلث ولكل صنف ثلث عنده. وقال الثاني: لزيد النصف ولهما النصف، وتمامه في النهر (قوله لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)}).
(١) يُنظر: "المجموع"، للنووي (٦/ ١٩٧) حيث قال: "وجميع الفروع السابقة لا فرق فيها بين الفقير والمسكين".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٢٠٩) حيث قال: "ولا فرق بينهما في المعنى وإن افترقا في الاسم. وإلى هذا ذهب ابن القاسم وسائر أصحاب مالك في تأويل قول اللَّه عزَّ وجلَّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>