للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - واستدلوا أيضًا بأن مصطلح الفقير مأخوذ من معنى "مفقور"، كأنه فَقَدَ فقْرةً من فَقَرات ظهره، فحلَّ به العجزُ، بخلاف المسكين.

٤ - واستدلوا أيضًا بأن الفقير لا يجد شيئًا أصلًا، وإن وجد شيئًا فهو قليل لا يكفيه، ولا يقوم بمؤنته، ومؤنة أولاده. قالوا: الفقير لا يخلو من حالات:

الحالة الأولى: ألا يجد مالًا أصلًا.

الحالة الثانية: ألا يكون له كسب، ولا عمل، ولا حرفة.

الحالة الثالثة: أن يجد شيئًا، ولكن لا يقع موقعًا من كفايته.

وسبق أن ذكرنا بأن بعض العلماء مثَّل لذلك؛ فقال: إذا كانت حاجته عشرة دراهم، ووجد درهمين، أو ثلاثة فهو فقير؛ لأن هذا قليل بالنسبة لحاجته، ولكن لو وجد نصف حاجته كخمسة دراهم، أو يزيد قليلًا هذا نسميه مسكينًا، وهو بذلك درجةً من الفقير، واستدلوا على ذلك بقول اللَّه: عزَّ وجلَّ {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: ٧٩]. قالوا: فاللَّه عزَّ وجلَّ ذكر المساكين وبيَّن أن لهم سفينة، والسفينة لا شك أنها تساوي قدْرًا من المال.

وذهب آخرون -ومنهم المالكية (١)، وإن كان في مذهبهم خلاف، والحنفية (٢) - إلى أن المسكين أشد حاجةً من الفقير.


(١) يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٤٩٢) حيث قال " (ومصرفها)؛ أي: محل صرفها؛ أي: الذي تصرف إليه (فقير) لا يملك قوت عامِه، (ومسكين، وهو أحوج) من الفقير؛ لكونه الذي لا يملك شيئًا بالكلية، (وصدقَا) في دعواهما الفقر والمسكنة".
(٢) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٣٣٩) (قوله: من لا شيء له) فيحتاج إلى المسألة لقوته وما يواري بدنه ويحل له ذلك بخلاف الأول، يحل صرف الزكاة لمن لا تحل له المسألة بعد كونه فقيرًا فتح. (قوله: على المذهب) من أنه أسوأ حالًا من الفقير، وقيل على العكس والأول أصح بحر وهو قول عامة السلف إسماعيل. وأفهم بالعطف أنهما صنفان، وهو قول الإمام. وقال الثاني: صنف واحد =

<<  <  ج: ص:  >  >>