للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَحْسَبُ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا بِهَذِهِ الْآثَارِ فِي حَدِّ الْغِنَى).

هذا القول هو قول الإمام أحمد (١) -كما قلنا- وقال به أيضًا الثوري. وأظن أن المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ أشار إليه، وكذلك النخعي.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي صِفَةِ الْفَقِيرِ، وَالْمِسْكِينِ، وَالْفَصْلِ الَّذِي بَيْنَهُمَا).

يريد المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ أن يعرض لنا الفرق بين المسكين، وبين الفقير، أو هما بمعنى واحد.

فالآية الكريمة التي حددت الأصناف الثمانية التي تصرف فيها الزكاة قد ذكرت الفقير، والمسكين: فهل يجتمعان في وصف واحد؟ أو هما مختلفان؛ لتفريق الآية بينهما؟ فهل أحدهما في درجة، ويليه الآخر في درجة أخرى؟ وعلى القول بأنهما فى درجتين: فأيهما أشد حاجة؟ أهو الفقير الذي بدأ اللَّه به والمعروف من عادة العرب أنها لا تبدأ إلا بالأهم؟ أو هو المسكين؟ هذا ما سنتكلم عنه، إن شاء اللَّه.

* قوله: (فَقَالَ قَوْمٌ: الْفَقِيرُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ).

لقد قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣)} [البقرة: ٢٧٣]. هذه الآية -كما هو معلوم- تتحدث عن


(١) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٤٩٣) "ونقل عن أحمد فيه روايتان؛ أظهرهما: أنه ملك خمسين درهمًا، أو قيمتها من الذهب، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام؛ من كسب، أو تجارة، أو عقار، أو نحو ذلك.
ولو ملك من العروض، أْو الحبوب أو السائمة، أو العقار، ما لا تحصل به الكفاية، لم يكن غنيَّا، وإن ملك نصابًا، هذا الظاهر من مذهبه، وهو قول الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق".
وانظر لمعتمد المذهب: "الإقناع"، للحجاوي (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>