للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن يملك ما يكفيه لحاجته فهو الغنيُّ، وعليه: فلا يُعطَى من الزكاة، ومن لا يملك ما يكفيه لحاجته فهو الفقير، وعليه: فيُعطى من الزكاة، وبعض الروايات قيدت ذلك في العام.

أما زَعْم المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ أن الإمام مالكًا لم يجعل لذلك حدًّا، فهذا يحتاج إلى تبين، ولعله قول في المذهب (١)، واللَّه أعلم.

* قوله: (إِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ).

الواقع أن الإمام مالكًا حدد -كما بيَّنا- وقيد ذلك بالحاجة، فمن كانت له حاجة فيأخذ من الزكاة، ومن ليست له حاجة فلا يحل له الأخذ، فمن ملك ما يكفيه، فهذا لا يأخذ، ومن كان دون ذلك، فيأخذ.

وقد اختلف العلماء في قاعدة أن يجد ما يكفيه: فهل يلزم أن يجد ما يكفيه لعام واحد؟ أو يلزم أن يجد ما يكفيه على الدوام؟ هذا أيضًا محل خلاف بينهم:

(١) فبعضهم يقول: يأخذ ما يكفيه لعام (٢).


(١) لم أقف عليه.
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار"، للحصكفي وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٢/ ٣٤٧)، حيث قال: " (و) لا إلى (غني) يملك قدر نصاب فارغ عن. . . فيمن له حوانيت ودور للغلة، لكن غلتها لا تكفيه وعياله أنه فقير، ويحل له أخذ الصدقة عند محمد، وعند أبي يوسف: لا يحل. وكذا لو له كرم لا تكفيه غلته، ولو عنده طعام للقوت يساوي مائتي درهم، فإن كان كفاية شهر يحل أو كفاية سنة، قيل: لا تحل. وقيل: يحل؛ لأنه يستحق الصرف إلى الكفاية فيلحق بالعدم".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للدردير (١/ ٤٩٤)، حيث قال: "وجاز دفعها لمالك نصاب أو أكثر، ولو كان له الخادم والدار التي تناسبه حيث كان لا يكفيه ما عنده لعامه لكثرة عياله، فيعطى منها ما يكمل به العام وهذا هو المشهور".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ٢٧٢) حيث قال: " (فيأخذ تمام كفايته سنة) من الزكاة، (فلو كان في ملكه عروض للتجارة قيمتها ألف دينار، أو أكثر) من ذلك (لا يرد عليه ربحها)؛ أي: لا يحصل له منه (قدر كفايته) جاز له أخذ الزكاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>