للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) إِلَى أَنَّ الْغَنِيَّ هُوَ مَالِكُ النِّصَابِ).

أما الإمام أبو حنيفة فقد حدد الغَنِيَّ بأنه من يملك النِّصاب؛ وهو مائتي درهم أو قيمتها من الذهب.

فمن ملك مائتي درهم وجَبت عليه الزكاة، وإذا وجبت عليه الزكاة، فمعنى هذا أنه يُعطِي غيره، وقد أصبح هو غنيًّا؛ فلا تدفع إليه الزكاة. ويستدل لذلك بالحديث الذي قال فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الزكاة: "تُؤْخَذُ من أغْنِيَائِهِم، وتُرَدُّ على فقَرائِهِمْ" (٢). وقد بيَّن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث أن مَن ملك مائتي درهم، أو عشرين مِثقالًا: فإن الزكاة واجبة عليه (٣).

فمعنى هذا: أن مالك النِّصاب غنيٌّ؛ فلا يجوز أن نعطيه من الزكاة.

* قوله: (لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام أَغْنِيَاءَ؛ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ لَهُ: "فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ" (٤)).

فقد أطلق اسم الغنيِّ على كل من ملك نِصابًا، سواء أكان في أدنى حدٍّ، أم بلغت أمواله قدْرًا كبيرًا.


(١) يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (١/ ٣٠٢) حيث قال: (وغني بملك نصاب)؛ أي: لا يدفع إلى غني بسبب ملك نصاب، وإنما قال: بملك نصاب؛ لأن الغنى على ثلاث مراتب؛ الأولى: ما يتعلق به وجوب الزكاة. والثانية: ما يتعلق به وجوب صدقة الفطر والأضحية، وهو أن يكون مالكًا لمقدار النصاب فاضلًا عن حوائجه الأصلية، وهو المراد هنا؛ لأن حرمان الزكاة يتعلق به. والثالثة: ما يحرم به السؤال، وهو أن يكون مالكًا لقوت يومه وما يستر به عورته عند عامة العلماء. وكذا الفقير القوي المكتسب يحرم عليه السؤال.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص: ٥٠١) عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس في أقل من عشرين مثقالًا من الذهب، ولا في أقل من مائتي درهم صدقة". وصححه الألباني في إرواء الغليل (٨١٥).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>