للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُه: (وَأَمَّا حَدُّ الْغِنَى الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ الصَّدَقَةِ).

سؤال: ما هو حدُّ الغِنَى الذي يمنع عن الصدقة؟

هل ورد نصٌّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحدد لنا القَدْر الذي إذا وصل إليه الإنسان صار غنيًّا؟ وإذا كان دونه يكون فقيرًا؟ والجواب: لا شك أنه قد جاء في حديثٍ النصُّ على خَمسينَ دِرْهمًا (١). وجاء أيضًا في حديث آخر النصُّ على أُوقِيَة (٢). والأوقِيَة: أربعون درهمًا (٣). فهل نقف عند هذين الأَثَرين مع اختلافهما؟ فالأول قيَّدها بخمسين، والثاني بأربعين. قالوا: بل ننظر إلى الحاجة.

* قوله: (فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ: إِلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الصَّدَقَةِ: هُوَ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (٤)).

يعني المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ بذلك أن أقل ما ينطلق عليه اسم الغِنَى يمنع من الصدقة؛ فإذا قلنا: فلان غنيٌّ، يلزم أن ينطلق عليه هذا الاسم، ويصح وصفُه بالغنى. وعليه: فلا يُعطى من الزكاة. أما من لا يصح أن يُسمَّى غنيًّا فيُعطى من الزكاة. هذه هي وجهة الإمام الشافعي، أو هذا قول في مذهبه.


(١) أخرجه أبو داود (١٦٢٦) عن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سأل وله ما يغنيه، جاءت يوم القيامة خموش، أو خدوش، أو كدوح في وجهه". فقال: يا رسول اللَّه، وما الغِنى؟، قال: "خمسون درهمًا، أو قيمتها من الذهب". وصححه الألباني في المشكاة (١٨٤٧)
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٢٨) عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سأل وله قيمة أوقية، فقد ألحف". فقلت: ناقتي الياقوتة هي خير من أوقية -قال هشام: خير من أربعين درهمًا- فرجعت، فلم أسأله شيئًا، زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعين درهمًا. وقال الألباني في صحيح أبي داود - الأم (٥/ ٣٣١): إسناده حسن صحيح، وصححه ابن حبان.
(٣) الأوقية في الحديث: أربعون درهمًا. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٦/ ٢٥٢٧).
(٤) يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٤/ ١٧٦)، حيث قال: "وقد لا يملك إلا فأسًا وحبلًا وهو غني، والمعتبر في ذلك ما يليق بالحال بلا إسراف ولا تقتير".

<<  <  ج: ص:  >  >>