للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثين؛ ذاك حديثٌ ورد لسبب، وهذا حديثٌ ورد لسبب آخر.

فالأول: جاء ليبيِّن لنا القدر الذي تجب فيه الزكاة.

والثاني: جاء ليبيِّن لنا الحد الذي إذا وصل إليه هذا القدر من الحبوب والثمار وجبت الزكاة.

إذن؛ ذاك في بيانِ الواجب، وهذا في بيان النصاب.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ الخُصُوصَ يُبْنَى عَلَى العُمُومِ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ النِّصَابِ، وَهُوَ المَشْهُورُ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ العُمُومَ وَالخُصُوصَ مُتَعَارِضَانِ إِذَا جُهِلَ المُتَقَدِّمُ فِيهِمَا وَالمُتَأَخِّرُ، إِذْ كَانَ قَدْ يُنْسَخُ الخُصُوصُ بِالعُمُومِ عِنْدَهُ، وَيُنْسَخُ العُمُومُ بِالخُصُوصِ، إِذْ كُلُّ مَا وَجَبَ العَمَلُ بِهِ، جَازَ نَسْخُهُ).

هذا الكلام إنما هو لابن حزم (١)، قد كرره المؤلف مرات في هذا الكتاب، وهذا حقيقة اتجاهٌ ضعيف، إنما القول الصحيح: أن الخاص يُخَص العام (٢).

* قوله: (وَالنَّسْخُ قَدْ يَكُونُ لِلْبَعْضِ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْكُلِّ. وَمَنْ رَجَّحَ العُمُومَ قَالَ: لَا نِصَابَ، وَلَكِنْ حَمْلُ الجُمْهُورِ عِنْدِي الخُصُوصَ عَلَى


(١) يُنظر: "المحلى"، لابن حزم (٤/ ٢٣ - ٣١)؛ حيث قال: "وليس إلا قول من قال بإيجاب الزكاة في كل ما أنبتته الأرض؛ على عموم الخبر الثابت: "فيما سقت السماء العشر" أو قولنا، وهو لا زكاة إلا فيما أوجبها فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- باسمه، على ما صح عنه عليه السلام من أنه قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا تمر صدقة". وأما من أسقط من ذلك الخبر ما يقتضيه عمومه، وزاد في هذا الخبر ما ليس فيه فلم يتعلقوا بقرآن ولا بسنة صحيحة، ولا برواية ضعيفة، بل خالفوا كل ذلك؛ لأنهم إن راعوا القوت فقد أسقطوا الزكاة عن كثير من الأقوات، وأوجبوه فيما ليس قوتًا: كالزيت والحمص. . . وغير ذلك مما لا يتقوت إلا لضرورة مجاعة".
(٢) يُنظر: "تشنيف المسامع بجمع الجوامع"، للزركشي (٢/ ٨٠٧)؛ حيث قال: "والأكثرون أن الخاص يكون مخصصًا للعام".

<<  <  ج: ص:  >  >>