للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنضح (١) فيه نصف العُشر، ولم يبيِّن قدرًا محددًا، فهذا يشمل الكثير والقليل؛ أي: هذا جاء مطلقًا عامًّا، وجاء الحديث الآخر فخصَّص ذلك.

* قوله: (أَمَّا الخُصُوصُ، فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ").

انظروا إلى جوامع كلمه (٢) -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- دائمًا يأتي بجوامع الكلم؛ يأتي بالكلام الموجز الذي يحمل المعاني الكثيرة، وهذه واحدةٌ من المزايا والخصائص التي خصَّ اللَّه بها نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- التي في حديث: "نُصرت بالرعب. . . " (٣)، وفيها: "وأُعطيتُ جوامعَ الكَلِمِ".

فالرسول هنا -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقة" (٤) معنى هذا: أن الخمسة أوسق فما فوق إذا كانت الخمسة أوسق تجب فيها الزكاة فمن باب أولى أن يكون ما زاد على ذلك، لكنه بيَّن ما لا تجب فيه الزكاة: وهو ما دون الخمسة أوسق، "ليس فيما دون خمسةِ أوسقٍ صدقة لا، أما إذا بلغت زكاة الحبوب أو الثمار ثلاثمائة صاع أو زادت على ذلك فإن الزكاة تجب فيها بحسب القدر الواجب؛ إما العُشر أو نصف العُشر.

* قوله: (وَالحَدِيثَانِ ثَابِتَانِ).

لأن كل واحدٍ منهما متفقٌ عليه، فلا مجال هنا بأن يقال: هذا يُقدَّم على هذا. هذه ناحية.

والناحية الأُخرى في نظر الجمهور وفي نظرنا: أنه لا معارضة بين


(١) النضح: أن يستسقى له من ماء البئر أو من النهر بسانيه من الإبل أو البقر. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"، للأزهري (ص ١٠٧)، "تاج العروس"، للزبيدي (٧/ ١٨١).
(٢) يتكلم بجوامع الكلم؛ أي: كان كلامه قليل الألفاظ كثير المعاني. انظر: "المصباح المنير"، للفيومي، و"النهاية"، لابن الأثير (١/ ٢٩٥).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>