للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعموم والخصوص موجودٌ في كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وفي سنة رسول اللَّه وهو من الأدلة المتفق عليها؛ فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]، فهل كل ميتة حرام؟ جاء تخصيصُ ذلك بحديث: "أُحلَّت لنا ميتتان ودمان" (١). . . وأمثلة ذلك كثيرة جدًّا.

إذن؛ حديث: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ" (٢) هذا حديث مطلق عام، وحديث: "ليس فيما دون خمسةِ أوسق صدقة" (٣) هذا خاص، فأيهما يُقدَّم هنا؟ هل نخص العام بهذا الخاص أو نأخذ بالعموم؟

جماهير العلماء دائمًا يقدمون الخاص (٤)؛ لأن الخاص إنما اقتصر على بعض العمومات التي وردت في العام، فجاء هذا الحديث الثاني فخص الحديث الأول، فبيَّن أن الزكاة في الحبوب والثمار إنما تجب إذا بلغت خمسةَ أوسق.

فلماذا كان قوله -عليه الصلاة والسلام-: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ" (٥) عامًّا؟

لأن هذا الحديث فقط بيَّن أن ما سقت السماء فيه العُشر، وما سُقي


(١) أخرجه ابن ماجه (٣٣١٤)، وصححه الألباني في "صحيح وضعيف سنن ابن ماجه" (٣٣١٤).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (١٤٤٧)، ومسلم (٩٧٩).
(٤) يُنظر: "شرح الكوكب المنير"، لابن النجار (٣/ ٣٨٢)؛ حيث قال: "إذا ورد عن الشارع لفظ عام ولفظ خاص، قدم الخاص مطلقًا؛ أي: سواء كانا مقترنين، مثل: ما لو قال في كلام متواصل: اقتلوا الكفار ولا تقتلوا اليهود، أو يقول: زكوا البقر، ولا تزكوا العوامل، أو كانا غير مقترنين، سواء كان الخاص متقدمًا أو متأخرًا، وهذا هو الصحيح؛ لأن في تقديم الخاص عملًا بكليهما، بخلاف العكس، فكان أولى".
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>