للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة بن الصامت المتفق عليه، الذي قال فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (١)، و"لا" نافية للجنس، و"صلاة" نكرة في سياق النهي.

ثم بعد ذلك رأينا اختلاف العلماء -أيضًا- في قراءة السورة، ثم هناك فرق بين الإمام والمنفرد والمأموم، وأن الإمام يقرأ الفاتحة، والمنفرد -أيضًا- يقرأها، وهناك خلاف بين العلماء في المأموم: هل يقرؤها أو لا يقرؤها؟ وإن قلنا: يقرؤها، هل يقرؤها في السرية دون الجهرية أو يتعين عليه قراءتها؟

رأينا مذهب الشافعية في ذلك، وأن قراءة الفاتحة متعينة في كل ركعة، ولا نريد أن نعود إلى التفصيل في هذه المسألة، لكن الذي عرض


= مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ١٤٩) حيث قال: "الركن (الرابع قراءة الفاتحة في قيام كل ركعة، أو بدله) للمنفرد وغيره في السرية، والجهرية حفظا أو تلقينًا، أو نظرًا في مصحف، أو نحوه لخبر "الصَّحيحين": "لا صلاةَ لِمَن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، ولخبر: "لا تُجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، رواه ابنا خزيمة وحبان في "صحيحيهما"، ولفعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما في مسلم مع خبر البخاري: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي". وأما قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠]، فوارد في قيام الليل لا في قَدْر القراءة، أو محمول مع خبر: "اقرأ ما تيَسَّر معك من القرآن على الفاتحة"، أو على العاجز عنها؛ جمعًا بين الأدلة (يجهر بها) ندبًا الإمام. والمنفرد (في الصبح والأُولَيَيْن من المغرب، والعشاء) للأخبار الصحيحة، والإجماع".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للبهوتي (١/ ٤٩٤، ٤٩٥) حيث قال: " (الثالث: قراءة الفاتحة، أو) قراءة (ما قام مقامها) من الذكر العاجز عنها في كل ركعة لإمام، ومنفرد)؛ لحديث: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وأما المأموم فيتحملها الإمام عنه للخبر. قال ابن قندس: الذي يظهر أن قراءة الإمام إنما تقوم عن قراءة المأموم، إذا كانت صلاة الإمام صحيحة؛ احترازًا عن الإمام إذا كان محدثًا أو نجسًا، ولم يعلم ذلك. وقلنا بصحة صلاة المأموم، فإنه لا بد من قراءة المأموم لعدم صحة صلاة الإمام، فتكون قراءته غير معتبرة بالنسبة إلى ركن الصلاة، فلا يسقط عن المأموم، وهذا ظاهر".
(١) أخرجه البخاري (٧٥٦) ومسلم (٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>