للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المعلم الأول، وهذا الرسول العظيم أرسله اللَّه سبحانه وتعالى رحمة للعالمين، وأرسله اللَّه سبحانه وتعالى للناس رسولًا؛ أرسله للناس كافة بشيرًا ونذيرًا، هو يعلم أحوال الناس ويدرك حاجاتهم، فمنهم أصحاب المزارع، ومنهم أصحاب الأسواق، ومنهم أصحاب العوائل، ومنهم مَن لديه أطفال، ومن لديه مريض، ومن بيته بعيد عن المصلى، ولذلك نبههم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن هذا موقف خير وموضع عبادة، وأن من أراد أن يبقى فليبق، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف.

ومعلوم أن صلاة الجمعة فرض عين (١)، وأنها من أَجَلِّ العبادات وأعظمها، ومع ذلك سيمر بنا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما اجتمع في يوم واحد عيدان: العيد المعروف، والجمعة، فإن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- رخَّص لمن أدرك العيد فصلاه، ألَّا يصلي الجمعة، لكنه يُصليها ظهرًا (٢)؛ لأنها تسقط عنه (٣).

فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- دائمًا يراعي الناس؛ لأن خلقه القرآن، وهو يسير على هدي كتاب اللَّه عز وجل، واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: ٢٨].

* قوله: (وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي القِرَاءَةِ فِي العِيدَيْنِ).


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٥٨)، حيث قال: "وأجمع أهلُ العلم على وجوب صلاة الجمعة".
(٢) سيأتي.
(٣) إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد فهل يُرَخَّص لمن حضر العيد التخلف عن صلاة الجمعة.
فقد ذهب الحنفية والمالكية: إلى أنه إذا وافق العيدُ يوم الجمعة فلا يُباح لمن شهدَ العيد التخلف عن الجمعة، وذهب الحنابلة إلى أنه إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، فصَلوا العيد والظهر جاز، وسقطت الجمعة عمن حضر العيد، وأجاز الشافعية في اليوم الذي يُوافق فيه العيد يوم الجمعة لأهل القرية الذين يُبلغهم النداء لصلاة العيد الرجوع وترك الجمعة، فيرخص لهم في ترك الجمعة تخفيفًا عليهم، وسيأتي تفصيلًا ذكر مذاهب العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>