للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليل (١)، وكذلك ما ورد في الصحيحين من حديث المغيرة، ومن حديث جرير بن عبد الله إلا ما ورد في زيادة أبي داود وهي زيادة صحيحة (٢).

أما الذين قالوا: بعدم جواز المسح فهو كما ذكر المؤلف قوله: رأوا أن ذلك يتعارض مع الآية، وأن الآية اقتصرت على الغسل، فتكون الآيةُ ناسخةً للأحاديث، والنسخ دائمًا له شروط (٣):

أولًا: لأنَّه لا يُلْجأ للنسخ إلا عندما تتعارَضُ المسائل، فينظر أيها المتقدم وأيها المتأخر، هذا بالنسبة للأحاديث، وقد ظهر لنا: أنَّ حديثَ جريرٍ إنما كان بعد نزول آية المائدة، فقضى على كل خلاف، ولذلك استقر رأي الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن جاء بعدهم على جواز المسح.

ومن هنا تفرَّع عن هذه المسألة مسألةٌ أُخرى لم يعرض لها المؤلِّفُ، ونعرضها لأهميتها لعلاقتها بهذا الباب، أيهما أفضل هل هو المسح أو الغسل؟

قد بينَّا أقوال العلماء في حكم المسح على الخفين، وانتهينا إلى أنَّ جوازَ المسحِ على الخفَّين أمرٌ ثابتٌ، وأنَّه أمر لا نزاعَ فيه، وأنَّ المخالِفَ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريج هذه الأحاديث كلها.
(٣) شروط النسخ بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه:
أما المتفق عليه: فأن يكون الحكم المنسوخ شرعيًّا، أو أن يكون الدليل الدال على ارتفاع الحكم شرعيًّا متراخيًا عن الخطاب المنسوخ حكمه، وأن لا يكون الخطاب المنسوخ حكمه مقيدًا بوقت معين.
وأما المختلف فيها: فأن يكون قد ورد الخطاب الدال على ارتفاع الحكم بعد دخول وقت التمكن من الامتثال، وأن يكون الخطاب المنسوخ حكمه مما لا يدخله الاستثناء والتخصيص، وأن يكون نسخ القرآن بالقرآن، والسُّنة بالسُّنة، وأن يكون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين، وأن يكون الناسخ مقابلًا للمنسوخ مقابلة الأمر بالنهي، والمضيق بالموسع، وأن يكون النسخ ببدل. انظر: "الأحكام" للآمدي (٣/ ١١٤)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>