للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعائشة أيضًا نُقل عنها القولُ بمنع المسح على الخفين، وقد ذكر العلماء: أن ما نقل عن ابن عباسٍ وعائشةَ، إنَّما ذلك قبل بلوغهما جواز المسح والخفين، فلما بلغهما كغيرهما ممن لم يبلغه جواز المسح رجعا إلى ذلك القول وأخذا به (١).

إذًا ننتهي من هذا إلى أنَّ الخلاف في هذه المسألة إنما هو خلافٌ ضعيفٌ ساقطٌ، وأنَّ المسحَ على الخفين إنما هو ثابت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وعن أصحابه -رضوان الله عليهم-، وأنَّ العلماء قد تلقَّوْا ذلك بالقبول، وأن الأئمة الثَّلاثة أَخذوه إجماعًا، وأنَّ الصحيح من مذهب مالك وهو الذي تلقاه أصحابه بالقبول، والذي اشتهر بينهم، هو القول الذي يلتقي مع بقية الأئمة في جواز المسح على الخفين.

وقد رأينا من ذلك أن هناك أحاديث كثيرة جدًّا، وهي موجودة في كتب الأحاديث، ولكننا أخذنا خلاصتها واكتفينا بذلك؛ لأن المقام لا يستدعي أن نعرض كثيرًا من الأحاديث، فقد عرضنا ما ورد في البخاري: من حديث سعد بن مالك، والمغيرة، وعمرو بن أمية (٢)، وما في صحيح مسلم: من حديث رواه المغيرة وغيره (٣)، وحديث علي الذي ذكرنا قبل


= عند عمر حين اختصم إليه سعد وابن عمر في المسح على الخفين فقضى لسعد فقلت: "لو قلتم بهذا في السفر البعيد والبرد الشديد"، قال: فهذا تجويز منه للمسح في السفر البعيد والبرد الشديد بعد أن كان ينكره على الإطلاق، وقد روي عنه أنه أفتى به للعقيم والمسافر جميعًا.
وفي (١٢٩٢) عن موسى بن سلمة، قال: سألت ابن عباس عن المسح على الخفين فقال: "للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة"، قال البيهقي: وهذا إسناد صحيح.
(١) قال البيهقي في "الكبرى" (١/ ٤٠٩): وإنما بلغنا كراهية ذلك عن علي وعائشة وابن عباس … وأما عائشة فإنها كرهت ذلك، ثم ثبت عنها أنها أحالت بعلم ذلك على علي -رضي الله عنه- وعلي أخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرخصة فيه.
(٢) تقدم تخريج هذه الأحاديث كلها.
(٣) تقدم تخريج هذه الأحاديث كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>