للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، قد ثبت عنه أنَّه روى لنا أحاديث عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، بل ذكر هذا الحديث: "أنه لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه، وهذا أمر ظاهر، ولذلك أمور الدين لا تؤخذ بالرأي؛ لأن الأقرب إلى الأرض إنما هو أسفل القدم وليس أعلاه، فلو فكر الإنسان بعقله لذهب إلى أنَّ الأولى هو أسفل القدم، ولكنَّ الدِّين لا يؤخذ بالرأي، وإنما هو يُتَلَقَّى عن كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وعن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعن الذي نُقل عن أصحابه -رضوان الله عليهم- وما هو من قياسٍ وغيره، فهو مما يردّ إلى كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وإلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما في قصة معاذ حين بعثه إلى اليمن: "بِمَ تقضي قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد قال: بسنة رسوله. قال: "فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأي ولا آلو جهدًا (١).

يعني: يحاول قدر الإمكان أن يُصيب الصَّواب، فضرب رسول الله بيده على صدره وقال: "الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله إلى ما يرضي رسول الله".

إذًا من هؤلاء الصحابة الذين نُقل عنهم عليٌّ -رضي الله عنه-، ونقله للأحاديث دليلٌ لنا، إذًا فلا إشكال في هذا المقال.

وأمَّا ما نقل عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- من منعه للمسح على الخفين (٢)، فمد نقل عنه الإمام البيهقي رَحِمَهُ اللهُ أيضًا ما يدلُّ على أنَّه رجَع عن ذلك الأمر (٣).


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٢)، والترمذي (١٣٢٧) عن معاذ بن جبل، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ "، قال: أقضي بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ "، قال: فبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا في كتاب الله؟ " قال: أجتهد رأيي، ولا آلو فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدره، وقال: "الحمد للِّه الذي وفق رسول، رسول الله لما يرضي رسول الله" وضعفه الألباني في "الضعيفة" (٨٨١).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرج البيهقي في "الكبرى" (١/ ٤١٠ - ٤١١ رقم ١٢٩١) عن ابن عباس، قال: إنا=

<<  <  ج: ص:  >  >>