للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحديث: "أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى بعد العصر" (١)، وأنَّ ذلك أُشكِلَ على جمع من الصَّحابة، كعبد اللَّه بن عبَّاس، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر، وقد أرسلوا مولى ابن عباس إلى عائشة، يسألها عنها؛ لأنَّها كانت تقول: "ما ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين سفرًا ولا حضرًا: ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر" تقول: في بيتي (٢) "، فلما ذهب الرسول إلى عائشة، أحالته إلى أمِّ سلمة؛ ولكن لأدب السلف لم يذهب مباشرة إلى أمِّ سلمة، وإنَّما عاد إلى الصحب الذين أرسلوه، فاستأذنهم، فأرسلوه أيضًا، فأذنوا له أن يذهب إلى أمِّ سلمة فقالت: "سُئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الركعتين بعد العصر يعني سئل: تصلي بعد العصر، وأنت تنهى عنهما، فقال: "أتاني وفدٌ من بني عبد القيس بإسلام قوم فسألوني، فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر، فهما هاتان" (٣).

مراده هنا: أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يترك الركعتين الراتبتين التابعتين للظُّهر اللتين بعدها؛ وبذلك نتبيَّن أنَّه ليس كلّ عبادة تدخل ضمن الأُخرى.

فعرفنا من هذا أنَّ العلماء قد اختلفوا فيمَن نوى بتكبيرة واحدة تكبيرتين؛ يعني يأتي فيكبِّر تكبيرة واحدة، وينوي بها تكبيرتي الافتتاح؛ أي: التكبيرة التي تعتبر مفتاح الصلاة، -وهي تكبيرة الإحرام-، وتكبيرة الركوع؛ فبعضُهُم قال: ذلك جائز، والعبادات تتداخل. وبعضهُم قال: لا.


(١) أخرجه البخاري (٥٩٠). عن عائشة، قالت: والذي ذهب به، ما تركهما حتى لقي اللَّه، وما لقي اللَّه تعالى حتى ثقل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرًا من صلاته قاعدًا -تعني: الركعتين بعد العصر- "وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصليهما، ولا يصليهما في المسجد، مخافة أن يثقل على أمته، وكان يحب ما يخفف عنهم".
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٢)، ومسلم (٨٣٥/ ٣٠٠) واللفظ له. عن عائشة، قالت: "صلاتان ما تركهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بيتي قط، سرًا ولا علانية، ركعتين قبل الفجر، وركعتين بعد العصر".
(٣) أخرجه البخاري (١٢٣٣)، ومسلم (٨٣٤/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>