للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ التي اشتملت على الغرض المقصود، والأحكام المترتبة، والَّتي استفادوا بها من هذا الحديث، جَاءَ به ليكون دليلًا على المسألة.

كذلك جَاءَ أيضًا: (أنَّها على سَرِيرٍ، وأن الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصلِّي، وأنها كانت تذهب حتى لا تشغل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) (١).

* قوله: (وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ الجُمْهُورِ عَنْ عَلِيٍّ (٢)، وَعَنْ أُبَيٍّ (٣)).

رَوَى أيضًا عن السلف آراء لهم مثل قول الجمهور، ومن أدلة الجمهور حديث الفضل بن عباس، ويرونه من أقوى أدلتهم في هذه المسألة عندما قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بادية في الصحراء، فقام إلى غير سترةٍ فصلى والناس وراءه، فكانت أتان وكلبة تعبثان بين يديه ولا يبالي" (٤).

ووجه الدلالة في الحديث: "ولا يبالي"، وقد أجاب عنه بعض العلماء (٥)، وَقَالوا: ذلك في أول الأمر، وقبل مشروعية السترة، وجاء في حديث عبد اللَّه بن عباس الذي أوردناه قبل قليل في مِنًى أنه: "نَزلَ عن الأتان، وكانت تَرْتع بين الصُّفوف" (٦)، لَكن هذَا ليس أمَام الإمام.


(١) أخرجه مسلم (٥١٢).
(٢) أَخْرَجه مالكٌ في "الموطإ" بلاغًا (٤٠)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١/ ٢٥٠).
(٣) لم أقف عليه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) الَّذين قالوا بالنسخ قالوا بنَسْخ أحاديث قطع الصلاة بما جاء في حديث ابن عباس في منى، وقد نَسَبه النوويُّ لبعض الشافعية.
يُنْظَر: "المجموع" للنوويِّ (٣/ ٢٥١)، حيث قَالَ: "وأمَّا ما يَدَّعيه أصحابنا وغيرهم من النَّسْخ، فليس بمَقْبولٍ، إذْ لا دليل عليه، ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع، وهي في آخر الأَمْر أن يكونَ ناسخًا؛ إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده، وقَدْ علم وتقرَّر في الأصول أن مثل هذا لا يكون ناسخًا مع أنه لو احتمل النسخ لَكَان الجمع بين الأحاديث مقدمًا عليه، إذْ ليسَ فيه ردُّ شيءٍ منها، وهذه أيضًا قاعدةٌ معروفةٌ، واللَّه أعلم".
(٦) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>