للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَاء أيضًا في حَدِيثٍ آخَر أوردناه أنَّ الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ بهمةً أو بهيمةً حتى لصق بطنه الجدار (١).

فالشَّيْءُ الذي ننتهي إليه هُوَ أهمية السُّترة، وأنها مشروعةٌ، وأنه ينبغي للإنسان أن يعتني بها، ولا ينبغي أيضًا للمسلم الآخر المار أن ينتهك حرمة أَخِيهِ المسلم.

* قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي كَرَاهِيَةِ المُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ المُنْفَرِدِ وَالإِمَامِ إِذَا صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ أَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ) (٢).

فَهَذا أمرٌ مُسلَّمٌ به بين العلماء في أنه يُكْره للمار أن يمرَّ بين المُصلِّي وبين سترته، كما أنهم يُطَالبون المصلي أن يتخذ سترةً، فلا يُعرِّض نفسه للمرور بين يديه أي: إذا أراد الإنسان أن يُصلي فليتخذ سترةً؛ وقايةً له من أن يمرَّ أحد بينه وبين يديه، ولكن إن مرَّ بينه وبين يديه فإنه يدفعه، فإن أبى فليقاتله كما سيأتي في الحديث (٣).

وهذه السترة كما سبق أن تكلمنا عنها في أوائل أبواب الصلاة، وبيَّنا أن العلماء حددوا ذلك، واختلفوا في مقياسها، هل ارتفاعها ذراع أو ثلثا ذراع، أو أقل أو أكثر؟ وتكلموا أيضًا عما يَقَع بين المصلي وبين سترته من مَسَافةٍ، وقَدْ ثبت في الحديث الصحيح: "أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بينه وبين سترته ممر الشاة" (٤)، قدرها بعض العلماء بثلاثة أذرع (٥).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) ينظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٤٢)، حيث قال: "واتفقوا على كراهة المرور بين يدي المصلي وسترته، وأن فاعل ذلك آثم".
(٣) سيأتي ذكر مذاهب العلماء في دفع المارِّ بين يدي المصلي.
(٤) أخرجه البخاري (٤٩٦)، ومسلم (٥٠٨).
(٥) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٤٢)، حيث قال: "واتفقوا على أن مَنْ قرب من سترته ما بين ممرِّ الشاة إلى ثلاثة أذرع، فقد أدى ما عليه"، وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>