للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما ترجح بينها إنما ترجح لوجود مرجحٍ، والانتقال إلى النسخ إنَّما هو عملٌ ببعضها، وتركٌ للبعض الآخر.

وَلَا شَكَّ أنَّ أسلمَ طَرِيقٍ إنَّما هو الجمع بين الأدلة، وبذلك يُمْكن أن تعمل الأدلة جميعًا، وهو أَوْلَى من أن نأخذ ببعضها، ونترك البعض الآخر.

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ خَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ المَرْأَةُ، وَالحِمَارُ، وَالكَلْبُ الأَسْوَدُ" (١)).

أما قوله: "معارضة ذلك الفعل للقول"، هَذَا لو لم يرد حديث: "لا يقطع الصلاة شيء" (٢)، وَهُوَ يريد أن يجعل القول: "يَقْطَع الصَّلاة: المَرأةُ، والحمَار، والكَلب الأسود"، هذا قولٌ، ويريد أن يجعل حديث عائشة وقصَّة اعتراضها بين يَدَي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَحَديث الفضل بن عباس، وَكَذلك حديث عبد اللَّه بن عبَّاس، هذه أفعال، فيريد أن يوازن بين الفعل والقول، وأيهما يقدم؟ لكنه ورد حديث: "لا يَقْطع الصلاة شيءٌ"، إذن ورد قولٌ؛ فليست القضية كما يقول المؤلف أن سبب الخلاف معارضة القول للفعل.

* قوله: (وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ وَالبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "لَقَدْ رَأَيْتُنِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُعْتَرِضَةً كَاعْتِرَاضِ الجِنَازَةِ، وَهُوَ يُصَلِّي" (٣)).

هَذَا الحديثُ وَرَد بألفاظٍ متعددةٍ في (البخاري ومسلم وعند أصحاب السنن (٤)، وأحمد (٥)، وغير هؤلاء (٦))، وَلَكن المؤلف جاء بلفظٍ مِنَ


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٣٨٣)، ومسلم (٥١٢)، واللفظ له.
(٤) أخرجه أبو داود (٧١٢)، والنسائي (٧٥٥)، وابن ماجه (٩٥٦).
(٥) في "مسنده" (٢٥٦٣٧).
(٦) منهم ابن حبان في "صحيحه" (٦/ ١١١)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>