للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن نُقِلَ عن بعض السلف (كالحسن البصري (١)؛ وهو من كبار التابعين، وعكرمة (٢)، وهي رواية للإمام أحمد (٣)) إلى أنه يقطع صلاته، وإن كانت الرواية التي يرجحها كثيرٌ من الحنابلة ويأخذون بها هي التي تلتقي مع مذهب الجمهور، وهو أن المرور لا يقطع.

وَوَرَد أن الذي تُقْطع الصلاة من أجله هو ما جاء في الحديث: "يَقطعُ الصَّلاةَ المرأةُ، والحمارُ، والكَلبُ الأسوَدُ" (٤).

وقَدْ وَرَد ما يعارض هذا الحديث كما جاء في بعض الأحاديث أن عائشة كانت تعترض بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يُصلِّي، وكان إذا سَجَد غَمزَها، فَقَبضت رِجْلَيها، فإذا ما قام، مدَّت رجليها (٥).

قوله: (وَصَلَّى إلى السرير)، وَنُقِلَ أيضًا كما في رواية مسروقٍ، أن السيدة عائشة أنكرَت وقالت: "شبَّهتمونا بالحمر والكلاب" (٦)!


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البرِّ (٢/ ٨٤)، حيث قال: "فَقَالت طَائفةٌ: يقطع الصَّلاة على المُصلِّي إذا مرَّ بين يديه الحمار والكلب والمرأة، وممَّن قال بها: أنس بن مالك وأبو الأحوص والحسن البصري".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١/ ٢٥٢) عن عكرمة، قال: "يَقْطع الصلاة الكلب، والمرأة، والخنزير، والحمار، واليهودي، والنصراني، والمجوسي".
(٣) سبق ذكر مذهب الحنابلة في قطع الصلاة بمرور الكلب الأسود، وأما قطعها بالمرأة والحمار فروايتان، والمشهور أنها لا تقطع الصلاة.
انظر: "الإنصاف" للمرداوي (٢/ ١٠٦) حيث قال: "قوله: (وفي المرأة والحمار روايتان). . . إحداهما: لا تبطل، وهي المذهب نقلها الجماعة عن الإمام أحمد، وجزم به في الخرقي، والمبهج، والوجيز، والإفادات، والمنور، والمنتخب. قال في "المغني": هي المشهورة. . . والرواية الثانية: تبطل اختارها المجد، ورجحه الشارح، وقدمه في المستوعب وابن تميم، وحواشي ابن مفلح، وجزم به ناظم المفردات، وهو منها، واختاره الشيخ تقي الدين، وقال: هو مذهب أحمد".
(٤) أخرجه مسلم (٥١١).
(٥) أخرجه البخاري (٣٨٢)، ومسلم (٥١٢).
(٦) أخرجه البخاري (٥١٤)، ومسلم (٥١٢)، عن مسروقٍ، عن عائشة، وذكر عندها ما يقطع الصلاة: الكلب، والحمار، والمرأة، فقالت عائشة: قَدْ شَبَّهتمونا بالحمير =

<<  <  ج: ص:  >  >>