للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منفردًا، وإن كان يُصلي الفريضة أو كان يُصلي صلاة تطوع؛ فينبغي أن يتخذ له سترةً، ولا ينبغي للمسلم أيضًا أن يمرَّ بين يديه، وقَدْ جاءت أحاديثُ فيها من الوعيد الشديد، ومن التوبيخ للَّذين يمرُّون بين أيدي المصلين (١)، كذلك أيضًا وَرَد النهي عن تَخطِّي رقاب الناس وتجاوزها (٢).

كَمَا أنَّه لا ينبغي أن تُتْرك الصفوف الأولى خاليةً حتى لا يتسبب ذلك في وجود مَنْ يتخطَّى رقاب الناس، فَالرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُعْنى بهذا الأمر، وكانت -كما قلنا- تُوضَع له العنزة (٣) وهي عصا، وكذلك كان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- يَفْعلون (٤)، ولذلك جاء في حديثٍ أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي بأصحابه في مكان وليس أمامه سترة، فأرادت بهيمة أو بهمة أن تمر، فظلَّ يتقدَّم يدفعها حتى لصقَ بطنه بالجدار (٥)، وهذا دليلٌ على ردِّ المرور.


(١) من ذلك ما أخرجه البخاري (٥١٠) ومسلم (٥٠٧)، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ يَعْلَم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لَكَان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمرَّ بين يديه"، قال أبو النضر: لا أدري، أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنةً.
ومنها: ما أخرجه ابن ماجه (٩٤٦) عن أبي هريرة، قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو يعلم أحدكم ما له في أن يمرَّ بين يدي أخيه، معترضًا في الصلاة، كان لأن يقيم مائة عامٍ، خير له من الخطوة التي خطاها"، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٧٨٧).
(٢) من ذلك ما أخرجه أبو داود (١١١٨) عن عبد اللَّه بن بسر: جاء رجلٌ يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اجلس، فقد آذيتَ"، وقال الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١٠٢٤): "إسناده صحيح على شرط مسلم".
وما أخرجه أبو داود أيضًا (٣٤٧) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مَن اغْتسَل يوم الجُمُعة، ومسَّ من طِيبِ امرأته إنْ كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخطَّ رقاب الناس، ولم يَلْغ عند المَوْعظة، كانت كفارةً لما بينهما، ومَنْ لغا وتخطَّى رقاب الناس، كانت له ظهرًا"، وحَسَّنه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٣٧٥).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) روي ذلك عن عمر وأنس.
أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١/ ٢٤٨) عن الأسود، قال: "رأيت عمرَ يركز عنزة، ثم صلى إليها، والظعن تمر بين يديه"، وَعَن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: "رَأيْتُ أنس بن مَالِكٍ في المَسْجد الحَرام قد نصب عصا يصلي إليها".
(٥) أَخْرَجه أبو داود (٧٠٨)، عن عمرو بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه قال: "هبطنا مع =

<<  <  ج: ص:  >  >>