للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسعى إلى ذلك في خطبه، وكان يقول: "إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" (١). ويقول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين" (٢).

إذن هذا تحذير وتنبيه للمؤمنين إلى قرب الساعة، ولذلك سيأتي عندما نتكلم عن الإنصات يوم الجمعة في قصة الرجل الذي دخل والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب الناس، فسأله عن الساعة، فلم يردَّ عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والناس يشيرون إليه: أن اسكت، فلما قالها ثلاثًا رد عليه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ويحك ما أعددت لها؟ "؛ فالساعة علمها عند اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن ما يهمُّ المؤمن في هذه الحياة أن يعدَّ العدة لهذه الساعة (٣).

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ خُطْبَتَانِ اثْنَتَانِ يَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَائِمًا يَفْصِلُ إِحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى بِجَلْسَةٍ خَفِيفَةٍ").

يرى الشافعي أنه لا بدَّ من خطبتين، وأن يكون الخطيب قائمًا، وأن


(١) أخرجه البخاري (٤٧٧٠)، واللفظ له، ومسلم (٢٠٨/ ٣٥٥)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)}، صعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على الصفا، فجعل ينادي: "يا بني فهر، يا بني عدي" -لبطون قريش- حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ " قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، الهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)}.
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٤)، ومسلم (٢٩٥/ ١٣٣١)، عن أنس.
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣١٣)، عن شريك أنه سمع أنس بن مالك يقول: دخل رجل المسجد ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر يوم الجمعة، فقال: يا رسول اللَّه، متى الساعة؟ فأشار إليه الناس أن اسكت، فسأله ثلاث مرات، كل ذلك يشيرون إليه أن اسكت، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الثالثة: "ويحك، ماذا أعددت لها"، وذكر الحديث. قال ابن الملقن: "إسناده صحيح". انظر: "تحفة المحتاج" (١/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>