للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها (١). إذن خطب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت تشتمل على قضايا ثابتة، وأمور تتجدد، ومما كان يرد في خطبه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يوصي الناس بتقوى اللَّه سبحانه وتعالى، وأنه كان يتلو آيات أو سورًا في خطب يوم الجمعة (٢).

* قوله: (فَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: "هُوَ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عليه اسْمُ خُطْبَةٍ فِي كَلَامِ العَرَبِ مِنَ الكَلَامِ المُؤَلَّفِ المَبْدُوءِ بِحَمْدِ اللَّهِ") (٣).


(١) مثال ما جاء دي التحذير: ما أخرجه البخاري (١٤٦٥)، ومسلم (١٠٥٢/ ١٢٣)، عن أبي سعيد الخدري، قال: جلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر، وجلسنا حوله، فقال: "إن مما أخاف عليكم بعدي، ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" فقال رجل: أو يأتي الخير بالشر؟ يا رسول اللَّه، قال: فسكت عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقيل له: ما شأنك؟ تكلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يكلمك؟ قال: ورأينا أنه ينزل عليه، فأفاق يمسح عنه الرحضاء، وقال: "إن هذا السائل" -وكأنه حمده- فقال: "إنه لا يأتي الخير بالشر". . .
ومثال ما جاء من البشارة: ما أخرجه أحمد في "مسنده" (٨٦٨٣)، عن أبي الدرداء، أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يقص على المنبر: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)}، فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ يا رسول اللَّه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: الثانية: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦]، فقلت في الثانية: وإن زنى، وإن سرق؟ يا رسول اللَّه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الثالثة: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦] فقلت الثالثة: وإن زنى، وإن سرق؟ يا رسول اللَّه، قال: "نعم، وإن رغم أنف أبي الدرداء".
(٢) سبق.
(٣) انظر: "شرح ابن ناجي على متن الرسالة" (١/ ٢٢٩)، وفيه قال: "واختلف في أقل الخطبة على قولين: فقال ابن القاسم أقل ذلك ما يُسمَّى خطبة عند العرب. وقيل أقله: حمد اللَّه والصلاة على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتحذير وتبشير وقرآن، قاله ابن العربي. واختلف إذا اقتصر على تسبيحة أو تهليلة، وقال ابن القاسم لا تجزئه، وقال ابن عبد الحكم: تجزئه ولو أسر بخطبته حتى إنه لم يسمعه أحد وأنصت لها فإنها تجزئه". وقول ابن القاسم هو مشهور المذهب. انظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (١/ ٣٧٣).
وفي مذهب الأحناف: انظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٢/ ١٤٦ - ١٤٨)، وفيه قال: "قال: (ومن خطب يوم الجمعة بتسبيحة واحدة: أجزأه في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزئه حتى يكون كلامًا يُسمَّى خطبة). لأبي حنيفة: ظاهر قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، فالذكر الذي يلي الأذان =

<<  <  ج: ص:  >  >>