للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنصات يوم الجمعة. وقصة أبي الدرداء عندما دخل يوم الجمعة والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب الناس، فوجده يقرأ سورة "براءة" فالتفت إلى أُبيّ بن كعب يسأله: متى نزلت؟ وكان أول مرة يسمعها، فلم يرد عليه أُبيٌّ، فلما انصرف من صلاته استغرب ذلك؛ لأنه أنكر على أُبيّ بن كعب -رضي اللَّه عنهما-، فردَّ عليه أُبيّ بقوله: ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت، ثم ذهب إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر له ما ذكر له أُبيّ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صدق أُبيٌّ" (١). فنرى أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يذكر آيات من القرآن ويستشهد بها، إذن ينبغي للخطيب أن يحمد اللَّه سبحانه وتعالى، وقد ثبت في الحديث الصحيح: "كلُّ كلام لا يبدأ فيه بحمد اللَّه فهو أبتر" (٢). وجاء في روايات -وإن لم تكن مشهورة-: "كل كلام لا يبدأ فيه ببسم اللَّه فهو أقطع" (٣). إذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبدأ بحمد اللَّه، ونحن نجد أن أول سورة في كتاب اللَّه


(١) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٦٧)، عن أبي الدرداء من غير تعيين السورة، وفيه قال: "جلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في يوم جمعة على المنبر يخطب الناس، فتلا آية، وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له: يا أبيّ، متى نزلت هذه الآية؟ فأبَى أن يكلمني حتى إذا نزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المنبر، قال: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت. ثم انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجئته فأخبرته، فقلت: يا رسول اللَّه، إنك تلوت آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فسألته: متى نزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلت زعم أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت، قال: "صدق، إذا سمعت إمامك يتكلم، فأنصت حتى ينصرف"".
وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٢٨٧)، وفيه أن المتكلم أبو الدرداء وأبو ذر. والسورة التي قُرئت هي سورة براءة. وصححه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (١٠٢٥٨) وغيره، عن الزهري، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل كلام لا يُبدأ في أوَّله بذكر اللَّه، فهو أبتر". وضعفه الألباني في: "إرواء الغليل" (١).
(٣) أخرجه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" (٢/ ٦٩)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم اللَّه الرحمن الرحيم أقطع".
قال الزيلعي: "وهذا الحديث أُعِلَّ من وجهين: أنه قد روي مرسلًا. . . والثاني في إسناده قرة بن عبد الرحمن المعافري وفيه مقال. . انتهى". انظر: "تخريج أحاديث الكشاف" (١/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>