للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراد المؤلف: أن هذه الخطبة إنما هي خطبة من الخطب، كما يخطب في يوم العيدين، وفي غيرهما، إذن لماذا تختص هذه الخطبة فتكون شرطًا، هذا هو مراده.

* قوله: (وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ (١) لِوُجُوبِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، وَقَالُوا: هُوَ الخُطْبَةُ).

هي كما ذكرنا الآية وبيَّنَّا وجه الدلالة منها، وكذلك أيضًا ملازمة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لهذه الخطبة واستمراره عليها مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقول عمر: "إنما قصرت الصلاة لأجل الخطبة" (٢).

قال المصنف رحمه اللَّه تعالى: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا بِوُجُوبِهَا فِي القَدْرِ المُجْزِئِ مِنْهَا).

حينما نتتبع خطب الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- التي نقلت إلينا جوانب منها، نجد أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحمد اللَّه ويثني عليه، ويقرأ قوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: ١٧]، ومن يضلل فلا هادي له، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا يذكر في خطبته: "إنَّ خير الكلام كتاب اللَّه تعالى، وإن خير الهدي هدي محمد-صلى اللَّه عليه وسلم-"، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ آية أو يقرأ آيات من القرآن، وقد قرأ سورة (ق) عدة مرات كما في حديث أم هشام (٣)، وذكر أيضًا مرَّةً سورة "براءة" (٤). وسيأتي الكلام عن ذلك إذا انتقلنا إلى


(١) وهم الفقهاء جميعًا إلا من قول الظاهرية وقول عند المالكية، وقول الحسن، وقد سبق.
(٢) سبق هذا كله.
ولم أقف على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرها في خطبته.
(٣) أخرج مسلم (٨٧٣/ ٥٢)، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: "لقد كان تنورنا وتنور رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واحدًا، سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر، إذا خطب الناس".
(٤) كل هذا سبق تفصيله.

<<  <  ج: ص:  >  >>