وانظر في مذهب الشافعية: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٥١٣)، وفيه قال: " (ولا تصح الجمعة حتى يتقدمها خطبتان؛ لما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي". ولم يصلِّ الجمعة إلا بخطبتين. وروى ابن عمر، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة خطبتين يجلس بينهما". ولأن السلف قالوا إنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة فإذا لم يخطب رجع إلى الأصل". وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣١٥)، وفيه قال: " (الرابع تقدم خطبتين)، أي: خطبتان متقدمتان لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. والذكر هو الخطبة، والأمر بالسعي إليه دليل وجوبه ولمواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك قال ابن عمر: "كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس" (بدل ركعتين). متفق عليه لقول عمر وعائشة: "قصرت الصلاة من أجل الخطبة" (لا) أن الخطبتين بدل ركعتين (من الظهر)؛ لأن الجمعة ليست بدلًا عن الظهر، بل مستقلة كما تقدم". (١) لم أجد مَن ذكر هذا في أدلة مَن نفى شرطية الخطبة، ولعله أخذه بالقياس على كلامهم في نفي وجوب خطبة العيد. قال المازري: "والخطبة في صلاة العيد ليست ببدل من ركعتين، وإنما القصد بها الوعظ والتعليم. فلما لم تكن الخطبة في معنى الخطبة لم تكن الصلاة كحكم الصلاة. واختصاص الجمعة بالآذان والإقامة يشعر بالمخالفة". انظر: "شرح التلقين" (١/ ١٠٥٧، ١٠٥٨). والذين نفوا شرطية الخطبة في الصلاة -وهم الظاهرية وبعض المالكية- ضعفوا أدلة المخالف وردُّوا عليها. انظر: "المحلى"، لابن حزم (٣/ ٢٦٥). وذكر الماوردي حجة أُخرى لهم. انظرها في: "الحاوي الكبير" (٢/ ٤٣٢).