للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والمراد بالذكر هنا إنما هو الخطبة (١)، واللَّه أمر {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. وكلمة {فَاسْعَوْا}: صيغة أمر، والأمر يقتضي الوجوب، والسعي إنما هو موجه إلى ذكر اللَّه، وذكر اللَّه هو الخطبة، إذن فالخطبة واجبة (٢).

واستدلُّوا أيضًا بأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ما تركها قطُّ في حياته؛ فكان يخطب الناس يوم الجمعة وكذلك خلفاؤه (٣)، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٤). ومن صلاته ملازمته للخطبة، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر، والأمر يقتضي الوجوب، إذن يجب أن نلتزم هذه الخطبة ولا نتركها.

ثالثًا: ما أُثر عن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: إنما قصرت الصلاة لأجل الخطبة (٥).

* قوله: (وَبِخَاصَّةٍ إِذَا تَوَهَّمَ أَنَّهَا عِوَضٌ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ نَقَصَتَا مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ).

هناك ما نقل عن بعض السلف أنه قال: كانت الجمعة أربعًا، فأقيمت الخطبة مقام الركعتين ومنهم التابعي الجليل سعيد بن جبير (٦).

* قوله: (قَالَ: إِنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَشَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا (٧)، وَمَنْ رَأَى أَنَّ المَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ المَوْعِظَةُ المَقْصُودَةُ مِنْ سَائِرِ


(١) سبق.
(٢) سبق ذكر هذا في أدلتهم.
(٣) سبق.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٧٨)، عن سعيد بن جبير، قال: "كانت الجمعة أربعًا فجعلت الخطبة مكان الركعتين".
(٧) انظر في مذهب الأحناف: "المبسوط"، للسرخسي (٢/ ٢٤)، وفيه قال: "والخطبة من شرائط الجمعة لحديث ابن عمر وعائشة -رضي اللَّه عنها- إنما قصرت الجمعة لمكان الخطبة ولظاهر قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، يعني: الخطبة، والأمر بالسعي دليل على وجوبها، ولأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما صلى الجمعة في عمره بغير خطبة فلو جاز لفعله تعليما للجواز".=

<<  <  ج: ص:  >  >>