السورة افتتحت ببيان مكانة القرآن العظيم، قطب هذه الشريعة، هذا الكتاب الذي نستمد منه الأحكام، والذي يتجدد بتجدد الزمن، والذي لا تنقضي عجائبه، ولا يقل عطاؤه.
إذًا نجد أنَّ اللَّهَ افتتح به، وذكر ما يتعلَّق بموقف المشركين من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من تعجبهم، فقال:{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ}[ق: ٢]، عجبوا أن يكون من بينهم، وهم يعرفون أمانته وصدقه، كذلك تكلم اللَّه سبحانه وتعالى عن البعث؛ لأنَّهم كانوا ينكرونه، وأقام الشواهد والأدلة على أنَّ من خلق هذا الكون، ومن أوجد هؤلاء -ومن بينهم أولئك الذين أوجدهم سبحانه وتعالى- هو قادر على أن يعيدهم مرة أُخرى: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣)} [ق: ٤٢، ٤٣]، ثم ختم اللَّه سبحانه وتعالى هذه السورة بخاتمة طيبة.
إذًا الإمام دائمًا ينبغي أن يختار موضوعًا قيمًا، فيه توجيهٌ للناس، فيه نصحٌ لهم وتنبيه إلى ما يقع بينهم من بعض الأمور التي تخالف شرع اللَّه سبحانه وتعالى، والتي قد تكون سببًا في غضب اللَّه سبحانه وتعالى، ويُقرِّب إليهم الأمور التي تجتمع حولها كلمتهم، وألَّا يتفرقوا، وأن يكونوا أُمَّة واحدة.
وينبغي أن يكون الخطيب بليغًا في كلامه، فصيح اللسان؛ لأنَّ الخطيب هنا إنَّما هو داع، هو مبلغ دعوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنَّ من يَقف على المنبر إنَّما يوجِّه الناسَ إلى الخير، يدعوهم إلى الطريق السوي، طريق الرشاد والهداية، ويحذرهم من طريق الغواية والضلال، ويدل الناس على ما فيه سعادتهم.
وعليه أن يتجنب الألفاظ التي فيها غموض، والتي لا قيمة لها، وإنَّما يختار الألفاظ الجزلة؛ التي ليس فيها غرابة على الناس، ولا تخفى على العامَّة، سهلة واضحة.
إذًا هذه الخطبة لها أهمية كبيرة؛ لأنَّ النَّاس يتجمعون، وهم