للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعًا، فلا ينصرف يمينًا فيذهب صوته عن أهل اليسار، ولا ينصرف يسارًا فيذهب صوته عن أهل اليمين، وحتى يكون عادلًا، ويراه الناس، والناس هم الذين يشدون أبصارهم إليه وهو يخطب، وكان الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب على قوس، أو عصا، أو سيف (١).

إذًا هذا يستحب ويسن، لكن لا يشترط ذلك، فلو ترك ذلك لجاز.

ومن ذلك قال العلماء: ولو لم يتوكأ على شيء فإنَّه إمَّا أن يقبض يديه مثلًا، وإمَّا أن يُرخيهم (٢)، ولكن من أهم الأمور هو هذه الخطبة، فقد


= ويحمد اللَّه، ويُثني عليه، ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه"، وضعفه الذهبي، فقال: "مجالدٌ لينٌ، وهو مرسلٌ".
(١) أخرجه أبو داود (١٠٩٦)، عن شعيب بن رزيق الطائفي، قال: "جلست إلى رجل له صحبة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقال له: الحكم بن حزن الكلفي، فأنشأ يُحدثنا، قال: وفدت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سابع سبعة -أو تاسع تسعة- فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول اللَّه، زرناك؛ فادع اللَّه لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذ ذاك دون، فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام متوكئًا على عصا، أو قوس، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: "أيها الناس، إنكم لن تُطيقوا -أو لن تَفعلوا- كُلَّ ما أُمرتم به، ولكن سَدِّدوا، وأبشروا""، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٦١٦).
(٢) انظر في مذهب الأحناف: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٣/ ٦٣)، وفيه قال: "ويستحب أن يتوكأ الخطيب في خطبته على نحو قوس وغيره. وروى أبو داود عن رجل له صحبة في حديث طويل أنه قال: "شهدنا الخطبة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقام يتوكا على عصا أو قوس"".
وانظر في مذهب المالكية: "الذخيرة"، للقرافي (٢/ ٣٤٢)، وفيه قال: "يُستحب لإمام المنبر الاتكاء على العصا؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتوكأ على العصا وأبو بكر وعمر وعثمان. قال سند: وحكمتها: مَنع اليد من العبث ومسك اللحية وغير ذلك، والقوس عند مالك مثل العصا، وروي عنه: لا يتوكأ على قوس إلا في السفر؛ لأن العصا السُّنَّة، وليس له سنة فيما يصنع بيديه يُرسلهما أو يقبض اليسرى باليمنى". وانظر: "حاشية العدوي على شرح مختصر خليل للخرشي" (٢/ ٨٣).
وانظر في مذهب الشافعية: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، للبغوي (٢/ ٣٤٢)، وفيه قال: "ويُستحب للخطيب أن يأخذ بيده اليسرى عصًا أو سيفًا أو قوسًا، يعتمد عليه، فإنه روي أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خَطب يعتمد على عتيرة اعتمادًا، فإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>