للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة، لا خلاف بين العلماء في أنَّ من شروط الجمعة، وجود خطبة، لا بُدَّ من الخطبة فيها (١)، لكن خالف في ذلك الحَسَنُ فقط من التابعين، وقال: "لو صلوا الجمعة ولم تكن خطبة أجزأتهم" (٢)، وهذا خلاف ما عليه جماهير العلماء من السلف والخلف، منهم الأئمة الأربعة، فإنَّهم يرون أنَّ الخطبة شرط (٣)؛ لأنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب، وخطب خلفاؤه، واستمر المسلمون على ذلك، ولم ينقل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك خطبة الجمعة، وهو القائل: "صلوا كما رأيتموني أُصلي" (٤)، وقد فسر العلماء


= خطبتين، فإن نسي الثانية أو أُحصر عنها، فتركها فالأُولى تَكفيهم، ولو لم يكن -أيضًا- أَتَمَّها، إلا أنه أثنى على اللَّه -عز وجل- وتشهد، أو أمر أو نهى أو وعظ وقال خيرًا، وإن كان خفيفًا جدًّا، فذلك يُجزئ عنه".
وقول ابن القاسم هو مَشهور المذهب. انظر: "كفاية الطالب الرباني"، لأبي الحسن الشاذلي (١/ ٣٧٣)، وفيه قال: "ومنها: أن تكون اثنتين على المشهور. فإن خطب واحدة وصَلَّى أءعاد الجمعة، وكذلك إن خطب خطبتين ولم يخطب من الثانية ما له قدر وبال لم تُجزهم".
وانظر في مذهب الشافعية: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٨٨)، وفيه قال: "وسادسها: أن يتقدمها خطبتان؛ للاتِّباع في خبر: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي"، بخلاف العِيد، فإن خطبتيه مُؤخرتان للاتباع، ولأن خطبة الجمعة شرط، والشرط مقدم على مشروطه".
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٣١٥)، وفيه قال: " (الرابع: تقدم خطبتين)، أي: خطبتان متقدمتان؛ لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الآية. والذكر: هو الخُطبة، والأمر بالسعي إليه دليل وجوبه، ولمواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك؛ قال ابن عمر: "كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم يَفصل بينهما بجلوس"، (بدل ركعتين)؛ لقول عمر وعائشة: "قصرت الصلاة من أجل الخطبة"". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٢٢٥).
(١) سبق نقل الإجماع.
(٢) سبق نقل هذا عنه.
(٣) سبق.
(٤) أخرجه البخاري (٦٣١)، عن أبي قلابة، قال: حدثنا مالك: "أتينا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن شَببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رحيمًا رفيقًا، فلما ظن أنا قد أشتهينا أهلنا -أو قد اشتقنا- سألنا عمن تركنا بعدنا، فأخبرناه، قال: "ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعَلِّموهم ومُروهم -وذكر أشياء =

<<  <  ج: ص:  >  >>