للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروف في أوائل الإسلام (١).

* قوله: (وَرَأى المَسْحِدَ شَرْطًا؛ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مُنَاسَبة (٢)، حَتَّى لَقَدِ اخْتَلَفَ المُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ، هَلْ مِنْ شَرْطِ المَسْجِدِ السَّقْفُ أَمْ لَا؟ (٣)).

هذا من باب التشديد، وهو لا يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية التي جاءت بالتيسير على هذه الأمة، وسيورد المؤلف جملة من الآيات والأدلة، وهذا يدل على أنَّه -رَحِمَهُ اللَّهُ- لم يَكن مُتعصبًا لمذهبه؛ لأنَّه ينتسب إلى مذهب مالك، لكن الحقَّ دائمًا ضالة المؤمن، وهكذا شأن كل إنسان يريد


(١) سبق.
(٢) قال الحطاب في "مواهب الجليل" (٢/ ١٦٠): "قال سند: أمَّا المسجد فهو شرط متفق عليه لا يُؤْثَر فيه خلاف عن أحد إلا أبا ثور وشيء تأوله بعض الناس عن مالك، وهل يَتعين؟ فعند مالك والشافعي: لا يكون المسجد إلا داخل المِصر، ولا تصلى في مسجد العِيد، وقال أبو حنيفة: تجوز خارج المِصر قريبًا نحو المواضع التي جعلت مُصلى لصلاة العيد، ووجه المذهب: العمل المتصل؛ ولأن هذا الموضع يجوز لأهل المصر قَصر الصلاة فيه، أعني: إذا سافروا عن المصر، فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه، كالمواضع البعيدة عنه".
(٣) الذين اشترطوا أن يكون المسجد به سقف قالوا ذلك؛ لأن المسجد عندهم شرط وجوب وصحة لا تنعقد الجمعة إلا به. انظر: "منح الجليل"، لعليش (١/ ٤٢٦، ٤٢٧)، وفيه قال: "وأما المسجد فقيل: شرط وجوب وصحة معًا؛ كالإمام والجماعة، وهذا على أنه لا يكون مسجدًا، إلا إذا بُني وسُقِّف، إذ قد يعدم على هذه الصفة فلا تجب، فصح كونه شرط وجوب إذ لزم من عدمه عدمه، وإذا وجد فلا تصح إلا فيه، فصح كونه شرط صحة أيضًا، فلذا أفتى الباجي أهل قرية انهدم مسجدهم وحضرت الجمعة قبل بنائه بأنه لا تصح لهم الجمعة فيه".
والراجح: عدم اشتراطه. انظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٢/ ١٦٠)، وفيه قال: "ص: (وفي اشتراط سقفه). ش: الظاهر: عدم اشتراط سقفه، كما قاله ابن رشد وشيخه ابن زرقون وابن الحاج، كما نقله عنهم ابن ناجي في "شرح المدونة"، ولاتفاق العلماء على أن المسجد الحرام كان فضاء حول الكعبة في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي خلافة الصديق وخلافة الفاروق -رضي اللَّه عنهما-، وكانت الجمعة تُقام فيه، ولم يُذكر أن أحدًا من الصحابة أنكر إقامة الجمعة به، وهو دليل على عدم اشتراط السقف، واللَّه أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>