للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أماكن متعددة، فذلك جائز، وذلك لا يخرج عن نطاق الشريعة الإسلامية، بل يلتقي مع لُبِّها، ومع روحها؛ لأنَّ في ذلك تيسيرًا على الناس، وتخفيفًا عليهم، ورفعًا للمشقة عنهم، وذلكم هو ما جاءت به هذه الشريعة.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الأَحْوَالِ وَالأَفْعَالِ المُقْتَرِنَةِ بِهَا، هُوَ كَوْنُ بَعْضِ تِلْكَ الأَحْوَالِ أَشَدَّ مُنَاسَبة لِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنْ بَعْضٍ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى اشْتِرَاطِ الجَمَاعَةِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الأَحْوَالِ المَوْجُودَةِ فِي الصَّلَاةِ (١). وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ المِصْرَ وَلَا السُّلْطَانَ شَرْطًا فِي ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ) (٢).

الشافعي وأحمد مع الإمام مالك في ذلك، يعني: لا يرى المصر شرطًا، لأنَّه يرى أن تقام الجمعة في القرية، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد (٣)، ولا يرى أنَّ الصلاة لا بُدَّ أن تقام وراء السلطان.

نعم، الأَوْلَى أن تقام وراء السُّلطان، لكن السلطان له أن يُنيب غيره؛ له أن ينيب القاضي، أو ينيب إمامًا، وغير ذلك، فيصلي بالناس، وهذا


(١) انظر في مذهب الأحناف: "مختصر القدوري" (ص: ٣٩)، وفيه قال: "ومن شرائطها: الجماعة".
وانظر في مذهب المالكية: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٣٨)، وفيه قال: "الجماعة شرط في صحتها".
وانظر في مذهب الشافعية: "نهاية المحتاج"، للرملي (٢/ ٣٠٤)، وفيه قال: " (الرابع) من الشروط: (الجماعة) إجماعًا ممن يعتد به، فلا تَصح فرادى؛ إذ لم ينقل فعلها كذلك، والجماعة شرط في الركعة الأولى فقط. أما العدد فشرط في جميعها".
وانظر في مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ١٤٦)، وفيه قال: "وإنَّما اعتبرت الركعة في الجمعة للمسبوق؛ لأن الجماعة شرط لصحتها. فاعتبر إدراك الركعة في الجماعة؛ لئلا يفوته الشرط في أكثرها".
(٢) سبق بيان مذأهب العلماء في اشتراط المِصر والسلطان في الجمعة.
(٣) سبق بيان هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>