انظر في مذهب المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٣٣٥)، وفيه قال: "لا تنعقد الجمعة في المِصر الواحد إلا في موضع واحد، خلافًا لأبي حنيفة ومحمد؛ لقول اللَّه تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا}، فكان هذا مجملًا، فبينه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بفعله، فأقام الجمعة في موضع واحد، مفتتحًا لها مبتدئًا أقيمت في خمس مواضع وأكثر، ولأن السعي إلى الأُولى قد وجب بالنداء إليها، والئانية يقع منهيًّا عنها؛ لأن على مَن يقيمها أن يسعى إلى الأولى ويترك ما هو فيه". وانظر: "شرح مختصر خليل"، للخرشي (٢/ ٥٢). وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٤٤٨)، وفيه قال: "والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه: أنَّ الجمعة وشرائطها مُرتبط بفعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومحدود فيه، فلا يتجاوز حكمها عن شرطه وفعله، فكان مما وصف به الجمعة وجعله شرطًا لها أن عطل لها الجماعات، وأقامها في مسجد واحد في أول الأمر، وعند انتشار المسلمين وكثرتهم، ثم جرى عليه الخلفاء -رضي اللَّه عنهم- بعده، ولو جازت في موضعين لأبان ذلك ولو مرة واحدة إمَّا بقوله أو بفعله، ولأنها لا تخلو من أحد أمرين: إمَّا أن يصح انعقادها في كل مسجد إلحاقًا بصلاة الجماعة، أو لَا يصحُّ انعقادها إلا في مسجد واحد اختصاصًا لها بتعطيل الجماعة، إذ ليس أصل ثابت ترد إليه، فلما لم يصح انعقادها في كل مسجد ثبت أنه لا يصحُّ انعقادها إلا في مسجد واحد".