للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتعدد الجمعة في بلد، أي: لا يجوز أن تُقام أكثر من جمعة في بلد واحد.

٣ - ومِن العلماء من قال بجواز تعدد الجمعة؛ أي: مطلقًا، وهو قوله عطاء من التابعين (١)، وقوله داود الظاهري (٢).

٤ - ومن العلماء -وهي الراوية الأخرى عند الإمام أحمد (٣) - مَن أجاز التعدد عند الحاجة (٤).

والذين منعوا تعدد الجمع استدلوا بما يأتي:

قالوا: ما عُرف في زمن الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّها أقيمت أكثر من جمعة في


= أما تعددها من غير حاجة فلا يَجوز. انظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٢/ ١٩٦)، وفيه قال: "لا خلاف في المذهب: أنه لا يجوز إقامة جمعتين في بلد من غير حاجة؛ لأنه خلاف فِعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من بعده".
(١) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٢/ ١١٩)، وفيه قال: "وقد روينا عن عطاء أنه قيل له: أهل البصرة لا يَسعهم المسجد الأكبر؟ قال: لكل قوم مَسجد يجتمعون فيه، ويجزئ ذلك عنهم من التَّجميع في المسجد الأكبر".
(٢) وهو مذهب الظاهريَّة. انظر: "المُحلى بالآثار"، لابن حزم (٣/ ٢٥٧، ٢٥٨)، حيث قال: "الجمعة جائزة في مسجدين فصاعدًا في القرية. . . لنا: قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}، فلم يقل -عز وجل-: في موضع ولا موضعين ولا أقل، ولا أكثر {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}، ومن البرهان القاطع على صحة قولنا: أن اللَّه تعالى إنما افترض في القرآن السعي إلى صلاة الجمعة إذا نودي لها، لا قَبْل ذلك، وبالضرورة أن مَن كان على نحو نصف ميل، أو ثلثي ميل لا يدرك الصلاة أصلًا إذا راح إليها في الوقت الذي أمره اللَّه تعالى بالرَّواح إليها. فصح ضرورة أنه لا بد لكل طائفة من مسجد يجمعون فيه إذا راحوا إليه في الوقت الذي أمروا بالرواح إليه فيه أدركوا الخطبة والصلاة، ومَن قال غير هذا، فقد أوجب الرواح حين ليس بواجب، وهذا تناقض وإيجاب ما ليس عندهم واجبًا".
(٣) انظر: "الأحكام السلطانية"، لأبي يعلى الفراء (ص: ١٠٣)، وفيه قال: "تجوز إقامة الجمعة في موضعين منه للضرورة؛ لكثرة أهله. وقد أومأ إليه أحمد في رواية المروذي. وقد سئل عن الصلاة يوم الجمعة في موضع يكون فيه مسجدان. فقال: صَلِّ. أذهب إلى قول عليٍّ في العِيد أنَّه أمر رجلًا يصلي بضعفة الناس".
(٤) وهو الصَّحيح من مذهب الشافعية ومشهور مذهب الحنابلة، كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>