للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله: (وَالثَّانِيَةُ: هَلْ مِنْ شُرُوطِ الَأذَان أَلَّا يُتَكَلَّمَ فِي أَثْنَائِهِ أَمْ لَا؟).

وهذه قضية أُخرى، وهي أن الأذان يشتمل على عدَّة أمور، ففيه ثناء، ودعاء، وفيه إقرار بالوحدانية لله -سبحانه وتعالى-، أي: بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وهذه الأمور الثلاثة تجعله يشبه خطبة الجمعة، فكلّ منهما فيه ذكر، والخطبة - كما هو معروف - يُمنع على الإنسان أن يتكلَّم فيها وخاصة المأموم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ" (١).

وقد تكلَّم العلماء حول مسألة تكلُّم الإمام، كما في حديث أنس بن مالك، قال: "أصابت الناسَ سَنةٌ على عهدِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في يوم جمعة قام أعرابي، فقال يا رسول الله: هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة .. " (٢)، وتكلم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، وهو يخطب كما جاء في الحديث: جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ " قال: لا، فقال: "قُمْ فَارْكَعْ رَكعَتَيْنِ"، وقال لآخر: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ " قال لا، قال: "قُمْ فَارْكَعْ رَكعَتَيْنِ" (٣).

والعلماء متفقون تمامًا على أن الأولى ألا يتكلَّمَ في الأذان إلا أن يكون هناك أمر لمصلحة، وقالوا: إن المؤذنين ما كانوا يتكلمون (٤)،


(١) أخرجه البخاري (٩٣٤)، ومسلم (٨٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٩٣٣)، ومسلم (٨٩٧) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٩٣٠)، ومسلم (٨٧٥) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "ملتقى الأبحر" لإبراهيم الحلبي (ص ١١٧) حيث قال: "ولا يتكلم في أثنائهما".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٣٠) حيث قال: "فلا يفصل بينها بسلام ولا رد ولا بإشارة لرد سلام أو غيره ولا بغير ذلك، أي: يكره ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>