للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي جعلها المؤلف قاعدة كتابه، وإنما هي من فروعها التي لم يستقصِها، وإنما ذكر جملة منها.

ومعنى هذا الشرط: هل تختص الإقامة بالمؤذن فقط، فالذي يؤذِّن هو الذي يقيم، أو أن لغيره أن يقيم كذلك؟ وكلهم (١) متَّفقون على أنه لو أذَّنَ رجل وأقام آخر فذلك جائز، ولهم قولان في المسألة:

الأول: الشافعي (٢) وأحمد (٣) استحبَّا أن يكون المؤذن هو الذي يقيم، واستدلُّوا بحديث: "إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ" (٤).

الثاني: ذهب الحنفية (٥) والمالكية (٦) إلى جواز ذلك، واستدلوا بما جاء في بعض الروايات في حديث عبد الله بن زيد قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأذان أشياء لم يصنع منها شيئًا، قال: فأُري عبد الله بن زيد الأذان في المنام فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: "أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ" فألقاه عليه فأذن بلال، فقال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده، قال: "فَأَقِمْ أَنْتَ" (٧).

والذين قالوا بالاستحباب - وهو الأظهر - قالوا: إن تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد - رضي الله عنه - في الإقامة؛ لأنه اختصَّ بالرؤيا، والمسألة جزئية ويسيرة، وليس هناك بحثٌ أوسع من الذي ذكرناه فيما عرض له العلماء.


(١) سيأتي توثيق ذلك من ظاهر المذاهب.
(٢) يُنظر: "المنهاج القويم" لابن حجر الهيتمي (ص ٧٩) " (وكونه) كالإقامة أيضًا (من واحد) فلا يصحّ بناء غير المؤذن والمقيم على ما أتيا به؛ لأنه يورث اللبس في الجملة، وإن اشتبها صوتًا".
(٣) يُنظر: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ١٣٥) حيث قال: " (و) سنَّ أيضًا (أن يتولاهما)، أي: الأذان والإقامة رجل (واحد) ".
(٤) أخرجه أبو داود (٥١٤)، وغيره، وضعفه الألباني في "ضعيف أبى داود" (٨٣).
(٥) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (١/ ٢٧١) حيث قال: "ولو أقام غيره جاز".
(٦) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٣٥) حيث قال: "وإقامة غير من أذن، أي: يجوز لكن المطلوب أن يكون المؤذن هو الذي يقيم".
(٧) أخرجه أبو داود (٥١٢)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>