للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماء هذه الأمة، وهي "التفريق بين ما له سبب وما ليس له سبب "؛ فكل صلاة لها سبب؛ تُصلَّى في وقت النهي وفي غيره، أما التطوع في وقت النهي فهذا هو الممنوع.

مثال ما لها سبب: صلاة الجنازة في وقت النهي وفي غيره، ولذلك ورد حديث -وإن كان فيه بعض مقال من العلماء-: "يا علي، ثلاث لا تؤخروهن؛ الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفء" (١)، وهذا يدل على أن الجنازة لا تؤخَّر، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في أبواب أُخرى.

وهناك أدلة كثيرة صحيحة ثابتة تؤيد ما ذهب إليه السادة الشافعية وغيرهم، ومنها: "أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قضى الركعتين بعد الظهر" (٢).

وخلاصة القول: أن كل صلاة لها سبب كتحية المسجد، والصلوات الواجبة المقضية، والفائتة، وكذلك أيضًا صلاة الكسوف، وسجود التلاوة، وسجدة الشكر، وغيرها من الصلوات التي لها سبب؛ تؤدى في أوقات النهي وفي غيرها، وعند هذا القول تلتقي الأدلة مجتمعة ولا تتعارض في هذا المقال.

ومعنى "ذات سبب": كالفائتة، فسببها: عدم قضائها في وقتها، وصلاة الكسوف؛ لأن الشمس كسفت، أو الخسوف لخسف القمر، وكذلك تحية المسجد؛ فما فُعِلت إلا لسبب دخول المسجد، ومثله تحية الطواف، وهي من المسائل التي حصل فيها خلاف بين العلماء في هذا المقام فيما يتعلَّق بالصلاة في أوقات النهي بمكة، هل هناك فرق بينها وبين غيرها؟ فالشافعية يقولون: الصلاة بمكة تختلف عن غيرها؛ فالتطوع في مكة يجوز في كل وقت من الأوقات، ويستدلون بحديث: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت أو صلَّى أيَّ ساعة من ليل أو نهار


(١) أخرجه الترمذي (١٧١) وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٥٧٥١).
(٢) هو حديث أم سلمة المتقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى الركعتين بعد الظهر بعد العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>