للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شاء" (١)، والآخرون يقولون: إن ذلك مخصوص بركعتي الطواف، ولذلك نجد أن ركعتي الطواف يوافق فيها الحنابلة (٢) الشافعية (٣)؛ في أن ركعتي الطواف قد تُصلَّى في أوقات النهي، ويختلف الحنابلة عن المالكية مع التقائهم معهم في كثير من أوقات النهي.

إذن قصار القول: إن أوقات النهي الأوقات الخمسة التي وردت في أحاديث صحيحة، ووردت أدلة أُخرى تدل على جواز أداء بعض الصلوات في وقت النهي فكيف نجمع بينها؟

الجمع بينها: أن ما له سبب يؤدى في وقت النهي، وما ليس له سبب عدا صلاة الجنازة تؤدَّى بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر؛ فهذه مسألة مجمع عليها، والفرائض الفائتة، فإنها تصلى فيها؛ إذ نقل ابن المنذر إجماع العلماء (٤) على أن صلاة الجنازة تؤدى بعد صلاة الصبح إلى ما قبل طلوعها، أو بعد العصر إلى ما قبل غروبها، ولذلك فإن الشافعية يحتجون على الذين يمنعون ذوات الأسباب في أوقات النهي؛ إذ كيف اجتمعتم معنا على أن صلاة الجنازة تؤدى في هذين الوقتين؛ بحجة أن لها سببًا فكذلك تلحق بها غيرها من ذوات الأسباب. فهم بذلك يحتجون بهذا القول على مخالفهم من المالكية والحنفية والحنابلة، وإن كان الحنابلة يوافقونهم في كل شيء إلا عصر يومه.


(١) أخرجه الترمذي (٨٦٨) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٤٨١).
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٨١) حيث قال: "ويركع للطواف)، يعني: في أوقات النهي ".
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٢٧٤) حيث قال: "إذا ثبت تخصيص مكة فقد اختلف أصحابنا في تخصيصها على وجهين؛ أحدهما: وهو قول أبي بكر القفال: إنها مخصوصة بركعتي الطواف، وجواز فعلها في جميع الأوقات دون سائر النوافل والوجه الثاني: وهو أصح، وبه قال أبو إسحاق المروزي، وجمهور أصحابنا إنها مخصوصة بجواز فعل النوافل كلها في الأوقات المنهي عنها لعموم التخصيص ".
(٤) تقدَّم نقله.

<<  <  ج: ص:  >  >>