للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أنكر على زيد، وأنكر أيضًا على رجل آخر في قصة الرجل الذي كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأُذِّن بالصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع وهذا الرجل في مجلسه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟ " قال: نعم. قال: "فما منعك أن تصلي معنا؟ " قال: صليت في أهلي. قال: "إذا صليت في أهلك وأتيت المسجد فصلِّ مع الناس؛ فإنها تكون لك نافلة" (١).

وفي حديث أبي ذرٍّ -الذي أخرجه مسلم وغيره- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: "كيف أنت إذا كان عليك أمر يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ " قال: فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصلاة لوقتها؛ فإن أدركتها معهم فصلِّها؛ فإنها تكون لك نافلة" (٢).

فهذه الأدلة مجتمعة تبيِّن أن هناك جملة من الأحاديث تنهى عن الصلوات في هذه الأوقات، وهناك أدلة تدلُّ على جواز الصلاة فيها؛ فكيف نستطيع أن نوفِّق بين هذه الأدلة؟ فهل نقول: إن هذا ناسخ لهذا، أو نرجح أحدهما إذا أمكن الجمع بين الأدلة؟

والجواب: أن ما أخذ به الشافعية هو الراجح، وهي أيضًا رواية للحنابلة، وإن لم تكن مشهورة، وهي التي أيَّدها كثير من المحققين من


= الثَّانِيَةُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ الَّتِي قَدْ صَلَّاهَا أَمْ لَا؟)، وقد استوفيناها هناك في البحث بفضل الله تعالى.
(١) أخرجه النسائي (٨٥٧) وغيره، عن رجل من بني الديل يقال له: بسر بن محجن، عن محجن، أنه كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن بالصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟ " قال: بلى. ولكني كنت قد صليت في أهلي. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت "، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٤٦٧).
(٢) أخرجه مسلم (٦٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>