كان على غير وجه الشرع: أنه لا إثم على مَنْ باشره ببيع أو شراء أو خدمة أو انتفاع أو استعمال، فإن يوسف -عليه السلام- باعه إخوتُه بيعًا حرامًا لا يجوز، ثم ذهبت به السيارة إلى مصر؛ فباعوه بها، وبقي عند سيده غلامًا رقيقًا، وسماه الله سيدًا، وكان عندهم بمنزلة الغلام الرقيق المكرم.
١٢ - الحذر من الخلوة بالنساء التي يُخشى منهن الفتنة، والحذر -أيضًا- من المحبة التي يخشى ضررها، فإن امرأة العزيز جرى منها ما جرى بسبب توحُّدها بيوسف وحبها الشديد له الذي ما تركها حتى راودته تلك المراودة، ثم كذبت عليه؛ فسجن بسببها مدة طويلة.
١٣ - أن الهم الذي همَّ به يوسف بالمرأة ثم تركه لله مما يُرَقِّيه إلى الله زلفى؛ لأن الهم داع من دواعي النفس الأمارة بالسوء، وهي طبيعة لأغلب الخلق، فلما قابل بينه وبين محبة الله وخشيته غلبت محبة الله وخشيته داعي النفس والهوى، فكان ممن {خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠)}، ومن السبعة الذين يُظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظَلَّ إلا ظله أحدهم: رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، وإنما الهَمُّ الذي يلام عليه العبد: الهَمُّ الذي يساكنه ويصير عزمًا ربما اقترن به الفعل.
١٤ - أن من دخل الإيمان قلبه وكان مخلصًا لله في جميع أموره، فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وصدق إخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه؛ لقوله: {وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ