للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨ - أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية لا بنقص البداية، فإن أولاد يعقوب -عليه السلام- جرى منهم ما جرى في أول الأمر مما هو أكبر أسباب النقص واللوم، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح التام من يوسف ومن أبيهم والدعاء بالمغفرة والرحمة، وإذا سمح العبد عن حقه فالله خير الراحمين، ولهذا في أصح الأقوال: أنهم كانوا أنبياء؛ لقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [النساء: ١٦٣]، وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم، ومما يدل على ذلك أن في رؤيا يوسف أنه رآهم كواكب نيرة، والكواكب فيها النور والهداية الذي من صفات الأنبياء؛ فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء هُداة.

٩ - ما منَّ الله به على يوسف -عليه الصلاة والسلام- من العلم والحلم ومكارم الأخلاق والدعوة إلى الله وإلى دينه وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوًا بادرهم به وتَمَّم ذلك بأن لا يُثرب عليهم ولا يُعيرهم به، ثم بره العظيم بأبويه وإحسانه لإخوته، بل لعموم الخلق.

١٠ - أن بعض الشر أهون من بعض، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما، فإن إخوة يوسف لما اتفقوا على قتل يوسف أو إلقائه أرضًا، وقال قائل منهم: {لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: ١٠]- كان قوله أحسن منهم وأخف، وبسببه خفَّ عن إخوته ا لإثم الكبير.

١١ - أن الشيء إذا تداولته الأيدي وصار من جملة الأموال ولم يُعلم أنه

<<  <   >  >>