للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، ثم أخبرهم -صلى الله عليه وسلم- بعلامة فيهم فقال «وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ، وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ، عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ»، فحدَّث بذلك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الناس فلمَّا قُتِلَ من قُتِلَ من الخوارج وانتصر عليهم الصحابة، قَالَ لهم عَلِيٌّ -رضي الله عنه-: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ: أَخِّرُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ (١).

وحدث أبو سعيد الخدري بمثل ما حدث به علي -رضي الله عنهما- وكان يقول: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الَّذِي نَعَتَهُ. (٢)

فكان هذا تثبيتًا للمؤمنين على الحق زمن تلك الفتنة.

وقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يسمعون من النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يحدِّثُهم به، ويسألونه، ويستفسرون.

وتأملوا في قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أخبرهم عن أيام الدجال وأنها ستكون أربعين يومًا قال لهم: «يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» قالوا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أَيَكْفِينا فيه صلاةُ يوم؟ فقال: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» (٣) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُعلِّم الناس ويحُثُّهم ويُبيِّنُ لهم.

٧ - وكذا القراءة في أشراط الساعة وتعلُّمها فيه بشارةٌ لكل مؤمن:

فحينما تقرأ قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» (٤) تزداد ثباتا ويقينا وطمأنينة بأن الحق باق


(١) رواه مسلم في صحيحه (١٠٦٦).
(٢) رواه البخاري (٣٦١٠) ومسلم (١٠٦٤/ ١٤٨).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٣٧)، وأبو داود (٤٣٢١)، والترمذي (٢٢٤٠)، وابن ماجه (٤٠٧٥) من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>