للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصلي، كما نبَّه عليه في أكثر من موضع (١)، فكل شيء يمكن أن يستقيم معناه عند إبقائه على بابه الأصلي فهو أولى عنده، ولذلك تراه يعرِّض كثيرًا بمعنى هذه القاعدة هنا في القول الوجيز عند سرده للأقوال في المسألة، كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ١٩٠]؛ قال: {خَلْقِ} يجوز أن يكون مصدرًا على حاله … ويجوز أن يراد به المفعول … أي: إن في مخلوقهما" (٢)، وفي قوله تعالى: {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: ١٥٧]، قال: {خَيْرٌ} على هذا خبرُ المبتدأ، وهي باقيةٌ على بابها من التفضيل" (٣).

وقال في مسألة أخرى: "ففي (لا) وجهان: أحدهما: أنها على بابها من كونها نافيةً غير مزيدة … الوجه الثاني من وجهي (لا): أنها مزيدة " (٤)، وقال في مسألة أخرى: "والاستفهام على هذا على بابه من الاستخبار، وقيل إنه بمعنى النفي" (٥).

وقد وافق ترجيحه هذه القاعدة في أكثر من مسألة وإن لم يذكرها بلفظها (٦).

القاعدة الرابعة: التضمين في الأفعال أحسن منه في الحروف.

هذه القاعدة ذكرها السمين الحلبي في الدر المصون عند قوله تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} [الأعراف: ٦٣]، فقال: "وقوله {عَلَى رَجُلٍ} يجوز أن يكون على حذف مضاف؛ أي: على لسان رجل.

وقيل (على) بمعنى (مع)؛ أي: مع رجل. فلا حذف.

وقيل: لا حاجة إلى حذفٍ ولا إلى تضمين حرف، لأن المعنى: أُنزل إليكم ذِكْرٌ على


(١) ينظر في الدر المصون (٣/ ٢٠٤)، (٤/ ٤٠٢)، (٦/ ٢٢٦).
(٢) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٣٧٥).
(٣) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ١٠٥).
(٤) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٢٩ – ٤٣٠).
(٥) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٤٤٣ - ٤٤٤).
(٦) ينظر في القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٣٥ – ٣٣٦)، (ص: ٣٤٩ - ٣٥١)، (ص: ٤٥٦ - ٤٥٧)، وسيأتي بيان ذلك.

<<  <   >  >>