للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَخَلُّفُهُ عَنْ سَبَبِهِ لِمَانِعٍ، أَوِ انْتِفَاءِ شَرْطٍ، أَوْ مُعَارِضٍ مُقَاوِمٍ أَوْ رَاجِحٍ، وَإِذَا جَازَ الْعَفْوُ عَنْ تَارِكِ الْوَاجِبِ، اقْتَضَى الْحَدُّ الْمَذْكُورُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْوَاجِبُ الْمَتْرُوكُ وَاجِبًا، لِأَنَّ تَارِكَهُ لَمْ يُعَاقَبْ.

مِثَالُهُ: لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، ثُمَّ تَخَلَّفَ الْعِقَابُ عَنْهُ لِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، لَزِمَ بِمُقْتَضَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ أَنْ لَا تَكُونَ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةً، وَهُوَ بَاطِلٌ.

وَهَذَا النَّقْضُ مِنْ حَيْثُ الْعَكْسِ، وَهُوَ قَوْلُنَا: كُلُّ مَا لَمْ يُعَاقَبْ عَلَى تَرْكِهِ، فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَيَبْطُلُ بِمَا ذَكَرْنَا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الطَّرْدِ، ضَرْبُ ابْنِ عَشْرٍ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، إِذِ الصَّلَاةُ هَاهُنَا فِعْلٌ عُوقِبَ تَارِكُهُ، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا أُدِّبَ الصِّبْيَانُ عَلَى تَرْكِهِ هُوَ مُعَاقَبٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: " وَقِيلَ: مَا تُوُعِّدَ " أَيِ: الْوَاجِبُ مَا تُوُعِّدَ " عَلَى تَرْكِهِ بِالْعِقَابِ ".

هَذَا تَعْرِيفٌ آخَرُ لِلْوَاجِبِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّ كُلَّ مُعَاقَبٍ عَلَى تَرْكِهِ مُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُتَوَعَّدٍ عَلَى تَرْكِهِ بِالْعِقَابِ مُعَاقَبًا عَلَيْهِ، لِجَوَازِ الْعَفْوِ بَعْدَ الْوَعِيدِ، وَصَاحِبُ هَذَا التَّعْرِيفِ فَرَّ مِمَّا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>