الرَّابِعَةُ: الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ، إِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ أَصْلًا ; فَلَيْسَتْ نَسْخًا إِجْمَاعًا، كَزِيَادَةِ إِيجَابِ الصَّوْمِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ ; فَهِيَ إِمَّا جُزْءٌ لَهُ، كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الصُّبْحِ، أَوْ عِشْرِينَ سَوْطًا فِي حَدِّ الْقَذْفِ. أَوْ شَرْطٌ، كَالنِّيَّةِ لِلطَّهَارَةِ، أَوْ لَا وَاحِدَ مِنْهُمَا، كَزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ عَلَى الْجَلْدِ. وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَسْخًا عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.
لَنَا: النَّسْخُ رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ، وَهُوَ بَاقٍ، زِيدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ.
قَالُوا: الزِّيَادَةُ إِمَّا فِي الْحُكْمِ، أَوْ سَبَبِهِ، وَأَيًّا كَانَ، يَلْزَمُ النَّسْخُ ; لِأَنَّهُمَا كَانَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ مُسْتَقِلَّيْنِ بِالْحُكْمِيَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ، وَاسْتِقْلَالُهُمَا حُكْمٌ قَدْ زَالَ بِالزِّيَادَةِ، كَالْجَلْدِ مَثَلًا، كَانَ مُسْتَقِلًا بِعُقُوبَةِ الزَّانِي، أَيْ: هُوَ الْحَدُّ التَّامُّ، وَبَعْدَ زِيَادَةِ التَّغْرِيبِ، صَارَ جُزْءَ الْحَدِّ.
قُلْنَا: الْمَقْصُودُ مِنَ الزِّيَادَةِ تَعَبُّدُ الْمُكَلَّفِ بِالْإِتْيَانِ بِهَا، لَا رَفْعُ اسْتِقْلَالِ مَا كَانَ قَبْلَهَا، لَكِنَّهُ حَصَلَ ضَرُورَةً وَتَبَعًا، بِالِاقْتِضَاءِ، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: الْمَنْسُوخُ مَقْصُودٌ بِالرَّفْعِ، وَالِاسْتِقْلَالُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ ; فَلَا يَكُونُ مَنْسُوخًا ; فَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ نَسْخًا. لَا يُقَالُ: رَفْعُ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ لَوَازِمِ الزِّيَادَةِ ; فَيَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهَا قَصْدُهُ ; لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ، إِذْ قَدْ يُتَصَوَّرُ الْمَلْزُومُ مِمَّنْ هُوَ غَافِلٌ عَنِ اللَّازِمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الرَّابِعَةُ: الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ» ; إِمَّا أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ بِحُكْمِ النَّصِّ أَصْلًا، أَوْ تَتَعَلَّقَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ ; فَلَيْسَتْ نَسْخًا لَهُ إِجْمَاعًا، وَذَلِكَ كَزِيَادَةِ إِيجَابِ الصَّوْمِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ نَسْخًا لِإِيجَابِ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ تَعَلَّقَتِ الزِّيَادَةُ بِحُكْمِ النَّصِّ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ ; فَتِلْكَ الزِّيَادَةُ إِمَّا جُزْءٌ لَهُ، أَوْ شَرْطٌ، أَوْ لَا جُزْءٌ وَلَا شَرْطٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute