. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَوْقِيَّةٌ جِهَةً، وَحِينَئِذٍ لَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ مُفِيدَةٍ، لِأَنَّ أَحَدَ السُّقُوطَيْنِ فِيهَا غَيْرُ الْآخَرِ.
قُلْتُ: وَالتَّحْقِيقُ فِي الْوُجُوبِ لُغَةً: أَنَّهُ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ وَالِاسْتِقْرَارِ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى تَرْجِعُ فُرُوعُ مَادَّتِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ. فَمَعْنَى وَجَبَتِ الشَّمْسُ: ثَبَتَ غُرُوبُهَا وَاسْتَقَرَّ، أَوْ أَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ فِي سُفْلِ الْفَلَكِ، وَوَجَبَ الْمَيِّتُ: ثَبَتَ مَوْتُهُ وَاسْتَقَرَّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الْحَجِّ: ٣٦] ، أَيْ: ثَبَتَتْ وَاسْتَقَرَّتْ بِالْأَرْضِ، وَوَجَبَ الْمَهْرُ وَالدَّيْنُ: ثَبَتَ فِي مَحَلِّهِ وَاسْتَقَرَّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فُرُوعِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا، عُدْنَا إِلَى قَوْلِهِ: " فَالْوَاجِبُ، قِيلَ: مَا عُوقِبَ تَارِكُهُ ". وَإِنَّمَا قُلْتُ: قِيلَ، لِأَنَّ الْمُخْتَارَ فِي حَدِّ الْوَاجِبِ يَأْتِي بَعْدُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: " وَرُدَّ " يَعْنِي: هَذَا التَّعْرِيفُ لِلْوَاجِبِ مَرْدُودٌ " بِجَوَازِ الْعَفْوِ "، وَوَجْهُ رَدِّهِ: هُوَ أَنَّ قَوْلَهُمُ: الْوَاجِبُ مَا عُوقِبَ تَارِكُهُ، يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ، فَإِنَّ تَارِكَهُ يُعَاقَبُ، لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ تَارِكِ الْوَاجِبِ، أَوْ يُسْقِطَ الْعِقَابَ عَنْهُ بِتَوْبَةٍ، أَوِ اسْتِغْفَارٍ، أَوْ دُعَاءِ دَاعٍ، أَوْ بِتَكْمِيلِ فَرْضٍ بِنَفْلٍ، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَتَرْكُ الْوَاجِبِ، وَفِعْلُ الْمَحْظُورِ سَبَبٌ لِلْعِقَابِ، غَيْرَ أَنَّ الْحُكْمَ يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute