. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: " وَرُدَّ " هَذَا التَّعْرِيفُ أَيْضًا رُدَّ " بِصِدْقِ إِيعَادِ اللَّهِ تَعَالَى ".
وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْوَعِيدَ خَبَرٌ، وَخَبَرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَادِقٌ، لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ مَخْبَرِهِ، وَإِذَا لَزِمَ وُقُوعُ مُقْتَضَى الْوَعِيدِ، صَارَ هَذَا التَّعْرِيفُ مِثْلَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُمُ: الْوَاجِبُ مَا عُوقِبَ تَارِكُهُ، فَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: " وَلَيْسَ بِوَارِدٍ " أَيْ: لَيْسَ مَا ذُكِرَ مِنْ صِدْقِ إِيعَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِوَارِدٍ عَلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ. " عَلَى أَصْلِنَا ". وَالْأَصْلُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ مَا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةُ مِنْ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ فَاعِلِ الْكَبِيرَةِ مَا لَمْ يَتُبْ مُحَالٌ عِنْدَهُمْ، عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ: " إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ " وَبَيَانُ عَدَمِ وُرُودِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: " جَوَازُ تَعْلِيقِ إِيقَاعِ الْوَعِيدِ بِالْمَشِيئَةِ " مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: صَلِّ، فَإِنْ تَرَكْتَ الصَّلَاةَ عَذَّبْتُكَ إِنْ شِئْتُ، فَإِذَا تَرَكَهَا، بَقِيَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ بِمُقْتَضَى الْوَعِيدِ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ بِمُقْتَضَى الرَّحْمَةِ وَالْجُودِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النِّسَاءِ: ٤٨ وَ ١١٦] ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ فِي الصَّلَاةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ، مَنْ أَتَى بِهِنَّ، لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ، فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute