تَنْبِيهٌ: اشْتَرَطَ الْجُبَّائِيُّ لِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، أَنْ يَرْوِيَهُ اثْنَانِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِهِ، كَالشَّهَادَةِ، أَوْ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ آخَرُ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِمَا سَبَقَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ ظَاهِرٌ.
ــ
«تَنْبِيهٌ: اشْتَرَطَ الْجُبَّائِيُّ لِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، أَنْ يَرْوِيَهُ اثْنَانِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِهِ، كَالشَّهَادَةِ، أَوْ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ آخَرُ» ، أَيْ: قَالَ: لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ إِلَّا بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَرْوِيَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اثْنَانِ، ثُمَّ عَنْهُمَا اثْنَانِ، وَهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى يَصِلَ إِلَيْنَا.
أَوْ لَا يُرْوَى كَذَلِكَ، لَكِنْ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ آخَرُ مِنْ نَصٍّ، أَوْ عَمَلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، أَوْ قِيَاسٍ. كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ اثْنَيْنِ، اعْتِبَارًا لِلرِّوَايَةِ بِالشَّهَادَةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» : «أَنْ يَرْوِيَهُ اثْنَانِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِهِ» .
وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: ذَهَبَ الْجُبَّائِيُّ إِلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِنَّمَا يُقْبَلُ؛ إِذَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اثْنَانِ، ثُمَّ يَرْوِيهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اثْنَانِ، وَقَاسَهُ عَلَى الشَّهَادَةِ.
قُلْتُ: لَكِنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنْ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ؛ فَإِنَّهُمْ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ، لَمْ يَشْتَرِطُوا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى كُلِّ أَصْلٍ فَرْعَانِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَاهِدَيِ الْأَصْلِ شَاهِدَا فَرْعٍ. هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ: يُشْتَرَطُ لِكُلِّ أَصْلٍ فَرْعَانِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَطَّةَ مِنْ أَصْحَابِنَا.
فَمُقْتَضَى اعْتِبَارِ الرِّوَايَةِ بِالشَّهَادَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، أَنْ يَرْوِيَهُ اثْنَانِ ثُمَّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute