. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَنْ يُفِيدَ الظَّنَّ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ كَغَيْرِهِ، وَأَوْلَى.
الثَّانِي: أَنَّ الِاجْتِهَادَ يُفِيدُ الظَّنَّ، وَظَنُّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُخْطِئُ لِعِصْمَةِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ، أَوْ يُخْطِئُ لَكِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، بَلْ يُنَبَّهُ عَلَى الْخَطَأِ، فَيَسْتَدْرِكُهُ، وَالْكَلَامُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» إِلَى هَهُنَا فِي الْجَوَازُ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ: مَسْأَلَةُ التَّفْوِيضِ، وَهِيَ مَا إِذَا قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْكُمْ بِرَأْيِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَحْكُمُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ. وَهُوَ اجْتِهَادٌ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: «أَمَّا وُقُوعُهُ» ، أَيْ: وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، «فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيَّةُ، وَأَنْكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ» . وَقَدْ سَبَقَتْ حِكَايَةُ الْمَذَاهِبِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: لَنَا «اعْتَبِرُوا» إِلَى آخِرِهِ. أَيْ: لَنَا عَلَى وُقُوعِهِ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الْحَشْرِ: ٢] ، وَهُوَ عَامٌّ فِي الرَّسُولِ وَغَيْرِهِ، فَيَتَنَاوَلُهُ الْأَمْرُ بِالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِثَالُ، وَإِلَّا كَانَ عَاصِيًا، وَهُوَ مَعَ عِصْمَةِ النُّبُوَّةِ مُحَالٌ.
قُلْتُ: هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «عُوتِبَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ» ، حَيْثُ قَبِلَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ، وَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الْأَنْفَالِ: ٦٧، ٦٨] ، وَعُوتِبَ فِي إِذْنِهِ لِلْمُخَلَّفِينَ عَنِ الْقِتَالِ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ، بِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التَّوْبَةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute